اختتمت أعمال المؤتمر السنوي الـ15 لمنظمة اقتصاديي الشرق الأوسط بالدعوة إلى الحد من رهن اقتصاديات دول المنطقة للنفط، من خلال تنويع القطاعات الاقتصادية ومصادر الدخل. ودعا المشاركون في المؤتمر -الذي استمرت أعماله ثلاثة أيام في العاصمة القطرية الدوحة-إلى تطوير التعليم والابتكار في دول المنطقة من أجل بناء اقتصاد قائم على المعرفة. صدمة خارجية وفي كلمته بالجلسة الختامية للمؤتمر، الذي أشرف عليه معهد الدوحة للدراسات العليا، قال الأستاذ بجامعة القاهرة جودة عبد الخالق إن المنطقة تتعرض لصدمة خارجية مصدرها السوق النفطية العالمية، مشددا على أن دول المنطقة ستظل تتعرض لصدمات مماثلة ما دامت اقتصاداتها مرهونة بإيرادات النفط. أسعار النفط العالمية تراجعت أكثر من 60% منذ منتصف عام 2014 (رويترز) ويرى عبد الخالق أنه يتعين على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنهاء جمود سياساتها الاقتصادية، والتوجه نحو وضع سياسات مرنة قادرة على التكيف مع الصدمات المشابهة لصدمة انخفاض أسعار النفط الحالية التي أربكت المشهد لدى الجميع. وأشار إلى أنه يجدر بدول الخليج أن تعيد النظر في ربط عملاتها بالدولار الأميركي وفق سعر ثابت، لأنها تخسر بذلك ما يوفره سعر عملة مرن من قدرة على التحكم في استقرار الاقتصاد، وهو ما قد يتحقق من خلال ربط عملات دول الخليج بسلة عملات بدلا من عملة واحدة. ودعا عبد الخالق إلى تعزيز إيرادات الموازنة في دول الخليج من مصادر مستقرة غير متقلبة مثل فرض الضرائب التي تعدّ موردا مستقرا لإيرادات الموازنات، كما دعا إلى خفض الإنفاق من خلال تقليص الدعم الحكومي. من جهته، قال رئيس منظمة اقتصاديي الشرق الأوسط حسن علي إن الاستيراد غير المحدود لليد العاملة كان يعد من عوامل القوة الكامنة في اقتصاديات دول الخليج، لكنه أصبح تحديا اليوم بسبب سوء الاستفادة منه، نتيجة طغيان اليد العاملة غير المؤهلة على تركيبة العمال الأجانب في دول مجلس التعاون الخليجي. وأوضح أن أحد الحلول الممكنة للاستفادة الفعلية من هذا العامل المهم يكمن في وضع حد أدنى للأجور في دول مجلس التعاون، على أن يكون أجرا متوافقا مع مستويات تكاليف المعيشة في هذه الدول، بشكل يقلص استقدام أعداد إضافية من العمالة غير المؤهلة، والتوجه نحو يد عاملة ماهرة. مشهد مرتبك بدوره، يرى الباحث الاقتصادي بالمركز العربي للأبحاث سمير سعيفان أن تركيز المؤتمر على موضوع تداعيات تراجع أسعار النفط على دول المنطقة يأتي في ظل الارتباك الذي بدأ يسيطر على المشهد وعلى الخطط التنموية في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. سعيفان: انخفاض النفط أربك خطط التنمية وأشار إلى تأثر دول مجلس التعاون الخليجي -على وجه الخصوص- نظرا لأن النفط يشكل 80% من صادراتها. وانخفضت أسعار النفط العالمية أكثر من 60% منذ منتصف عام 2014 وتبلغ حاليا نحو أربعين دولارا للبرميل. وشدد سعيفان في حديث للجزيرة نت على دور السعودية في سوق النفط العالمية، قائلا إن الرياض إذا خفضت إنتاجها مليوني برميل يوميا فسيصعد سعر النفط إلى مئة دولار، لكنه أضاف أن السعودية شرحت أسباب امتناعها عن هذه الخطوة، وأوضحت أن دولا أخرى تحاول مزاحمتها في الأسواق التي تستقبل صادراتها من النفط. ويرى الباحث الاقتصادي أن السعودية قادرة على المواصلة في هذا الاتجاه نتيجة انخفاض تكلفة إنتاج النفط لديها مقارنة مع النفط المستخرج من المحيط والنفط الصخري.