يرى مراقبون أن أحداث العنف التي شهدتها مؤخرا مدرجات ملعب محمد الخامس في الدار البيضاء المغربية، قد قدّمت دليلا واضحا على فشل الإستراتيجية المتبعة على المستوى الرياضي، ويعتقد هؤلاء أن الفقر والتهميش وتداعيات انتشار المخدرات عوامل تغذي هذا العنف. ويرى الباحث في السياسة الرياضية منصف اليازغي أن حادث وفاة شابين وجرح ما لا يقل عن 54 شخصا إثر مشاجرة بين عناصر من جمهور فريق الرجاء البيضاوي الذي استضاف شباب الريف الحسيمي، له تداعيات مقلقة تعطي صورة مشوهة عن المشجعين وعن واقع كرة القدم المغربية. مخاوف وقال اليازغي -في تصريح للجزيرة نت- إن إعجابنا بكل ما هو جماهيري انقلب إلى مخاوف من روابط الألتراس التي كانت تعوض هزال الأداء على ميدان الملعب بالفرجة التي تخلقها في فضاءات المدرجات، مضيفا "لكنّ ما حدث هذه المرة، وقبلها، يؤكد أن إستراتيجية الجهات المسؤولة عن قطاع الرياضة فشلت". اليازغي:ما حدث بمدرجات ملعب محمد الخامس يعطي صورة مشوهة عن المشجعين (الجزيرة) من جهته عبّر الناشط في المجتمع المدنيعبد العالي الرامي عن أسفه لغياب قوانين تنظم عمل روابطالتشجيع بالمغربوتضع ضوابط لتشجيع الفرق، وهو ما يسمح بوقوع انزلاقات يكون تأثيرها كارثيا إذا ما اقترنت بغياب الصرامة، وفق تعبيره. ومما يزيد الطين بلة -بحسب الرامي- ما يقوم به بعض الإعلاميين الذين يساهمون في تهييج الأجواء وتوتيرها عن طريق الفضاءات التواصلية، فيكون الأطفال القصّر أول الضحايا، وخاصة إذا ما وقع بعضهم تحت تأثير المخدرات، بحسب وصفه. من جانبه اعتبر عضو لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب عادل تشيكيطو أن ظاهرة عنف الملاعب الرياضية في المغرب تحولت إلى مرض مجتمعي لم تنفع معه كل الوصفات. وقال إن "المثير للقلق أن الأمر تطور من مشهد يصور عنفا ممارسا بين مناصري فريقين، إلى حالة جديدة تتجلى في الصراع بين مشجعي الفريق الواحد". ووفق تشيكيطو، لم يعد الأمر يستدعي مقاربة أمنية صارمة فقط، بل إن صور وفيديوهات هذه الأحداث تظهر أن العنف انتقل إلى مراحل غير مطمئنة، ولذلك "لا يمكن أن ننجح في مواجهة الظاهرة دون الاستعانة بعلماء التربية والاجتماع لإحاطتها من كل الجوانب". ظاهرة وعن تاريخ العنف في الملاعب الرياضية بالمغرب، قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة مولاي إسماعيل بمكناس رشيد جرموني، إن المغرب لم يعرف هذه الظاهرة إلا في التسعينيات من القرن الماضي بسبب عولمة النقل التلفزي. وأضاف جرموني للجزيرة نت أن روابط المشجعين تتكون من مجموعات صغيرة ذات زعامات تتراوح أعمارهم ما بين 16 وعشرين سنة، وتحضر في كل المباريات مردّدة أناشيد خاصة غالبا ما تكون مفعمة بالسب والشتم للحكام والمسيرين والفريق الخصم. تشيكيطو يؤكد أن عنف الملاعب في المغرب انتقل إلى مراحل غير مطمئنة (الجزيرة) ولاحظ جرموني أن أغلب هؤلاء الشباب ينتمون إلى أسر فقيرة ومتوسطة ولا يتمتعون بمستوى دراسي جيد ويعانون من الإحباط والتهميش، مما يتحول معه العنف والشغب إلى وسيلة للتعبير عن الوجود والكينونة، معبرا عن اعتقاده بأن بعض المشجعين لا تهمهم المباراة بقدر ما يهمهم العنف العبثي حتى في حالة الفوز. وكانت المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء أجلت النظر في ملف الموقوفين على خلفية هذه الأحداث إلى الأسبوع المقبل، حيث يقبع 19 راشدا و34 من القصّر في حالة اعتقال، ويواجهون جميعا تهم تخريب منشئات عامة وخاصة وإهانة موظفين. وعاقبت اللجنة المركزية للتأديب والروح الرياضية في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، نادي الرجاء بحرمانه من حضور جمهوره خمس مباريات، وأداء غرامة مالية تقدّر بمئة ألف درهم (نحو عشرة آلاف دولار) مع تعويض جميع الأضرار التي لحقت بالمجمع الرياضي.