أهتم بترشيد استهلاك الطاقة قبل اهتمام أجهزة حكومية بها، ولدي ما يثبت ذلك، ومنها كتابات قديمة تحاول الحضّ على استغلال الطاقة الشمسية، كذلك محاولات لدفع الصندوق العقاري أيام طفرته إلى تحديث شروطه ليكون العزل الحراري أساسياً فيها، فهو أهم من الواجهات الرخامية. هذه نماذج ليس إلا! الحكومة اهتمت ونشطت - وإن بصورة غير مباشرة - بعد تنبيه من صندوق النقد الدولي، ولمن نسي عندما زارت مديرة الصندوق كريستين لاغارد الرياض وحصلت على دعم للصندوق بـ 15 بليوناً من السعودية، خرجت بلقاء في الاقتصادية تطالب فيه بإعادة النظر في أسعار الطاقة محلياً! وعلقت على ذلك في مقالة بعنوان: «طيب... ما تستحين؟». كانت تلك نقطة البداية لاهتمام رسمي أكبر، ومحاولات لتهيئة الرأي العام لما يحتمل تطبيقه وبخاصة في أسعار الوقود، إلا أن ترشيد استخدام الطاقة في الكهرباء ووقود السيارات - إذا أردنا أن يكون ثقافة سائدة لدى أفراد المجتمع - مرتبط بأمور وقضايا أخرى ومن أهمها ترشيد الاستهلاك. لماذا لا يتم الحديث عن ترشيد الاستهلاك في مجمله، ومجتمعنا استهلاكي بامتياز، وتمت تربيته على ذلك، والإعلان التجاري هو السيد المتحكم المعلم. رداءة الأجهزة الكهربائية بما يعني ذلك من تزايد استهلاك الطاقة تم الصمت عنه طويلاً، وسمح للوكلاء والتجار بتصريف المخزون. لم نقرأ خبراً واحداً عن إعادة تصدير لما لا يصلح، والسبب أن «لا فرازة» موجودة لتحديد ذلك بحسب ما يبدو لي. هل تغير الوضع في ما يخص الأجهزة؟ الحقيقة أنني لا أعلم. الأخبار الرسمية تتحدث عن مثل هذا، ولكننا بحاجة إلى رأي فني محايد. هل تغيرت مواصفات الأجهزة المتوافرة في الأسواق، أم تم تغيير ملصق عليها؟ إن الطريق إلى ترشيد استخدام الطاقة يمر اضطراراً بترشيد الاستهلاك المعيشي كاملاً، بخاصة أن بعض ما يصنف كمالياً في مجتمعات أخرى أصبح أساسياً لدينا، لذلك نحن في حاجة إلى عين فاحصة للتقويم. هل هناك توازن بين سطو الإعلان التجاري والفكر التجاري على عقلية المجتمع والتحكم بتوجهاته في مقابل جهود الضبط من تقنين وإرشاد؟ وهذا الأخير يكاد يكون مفقوداً مقارنة بحجم وكثافة السيل التجاري. من نافلة القول إن من أوجه الإقناع بترشيد الطاقة إعادة النظر في أحقية مشاريع بمصادر طاقة رخيصة من خلال تقويم نتائج العائد منها على المجتمع والاقتصاد، لا على فئة قليلة جداً منه. www.asuwayed.com