استمر التصعيد في جبهات القتال في الساحة اليمنية، أمس، رغم إعلان المبعوث الأممي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية، الشهر المقبل، وبدت ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، أكثر إصرارا على تحقيق مكاسب ميدانية لاستباق الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وفقا لما أعلنه ولد الشيخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن الحوثيين والمخلوع صالح واصلوا إرسال حشودهم العسكرية إلى جبهات القتال. وقد سادت حالة من الارتياح في الشارع اليمني بعد إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية على وقف القتال في العاشر من أبريل (نيسان) المقبل واستئناف المفاوضات المباشرة بين الحكومة الشرعية، من جهة، والحوثيين وممثلي حليفهم المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة ثانية، في الـ18 من الشهر نفسه في دولة الكويت. ورغم أن حالة الارتياح هي السائدة، فإن بعض الأوساط اليمنية عبرت لـ«الشرق الأوسط» عن جملة من المخاوف بخصوص إمكانية تنفيذ المتمردين الحوثيين لما تم أو سيتم الاتفاق عليه، وأشارت تلك الأوساط إلى أن الاتفاق الذي توصل إليه المبعوث الأممي «يشرع لبقاء الانقلابيين في صنعاء مع احتفاظهم بقوتهم»، رغم إشارة ولد الشيخ، بوضوح، لمسألة تسليم الميليشيات أسلحتها إلى الدولة، وقد فضلت شخصيات يمنية كثيرة اتصلت بها «الشرق الأوسط» عدم التعليق على هذه التطورات و«انتظار اختبار مصداقية الحوثيين وإثبات حسن نياتهم، عبر خطوات ملموسة». من ناحية ثانية، ألقى المخلوع علي عبد الله صالح خطابا بمناسبة ذكرى مرور عام على الحرب، شدد فيه على تحالفه القائم مع الحوثيين، رغم التوتر المستعر بين شريكي الانقلاب منذ بضعة أيام والتصعيد الإعلامي المتبادل، وقال إنه تصالح معهم «صلح رجال»، وشكر صالح «حزب الله» اللبناني وأمينه العام حسن نصر، دون توضيح المناسبة، ونفى تحالفه مع إيران، لكنه رحب بأي تحالف من هذا النوع، وهاجم المخلوع صالح، كعادته، الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه، رئيس الوزراء، خالد محفوظ بحاح، وتحداهما بالمجيء إلى صنعاء، وأشار ضمنيا إلى أنهما قد يتعرضان للقتل، بإشارته إلى مسألة طلبه منهما الوصول إلى صنعاء وكذا إشارته الواضحة إلى أن الوضع الأمني في عدن وتحديدا قصر معاشيق الرئاسي. وقد جاء خطاب المخلوع صالح بالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي عن تحقيق تقدم من أجل استئناف المفاوضات، كما جاء في وقت يحاول صالح حشد، أنصاره في العاصمة صنعاء، للخروج في مظاهرة غدا (السبت)، في الذكرى الأولى للحرب، وهي المسيرة التي تقام صباحا والتي لن يشارك فيها الحوثيون، الذين دعوا لمسيرة مماثلة عصر ذات اليوم، بعد تصاعد حدة الخلافات والتباينات بين الطرفين ووصلوها إلى مرحلة المهاترات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وفي سياق هذا التصعيد المتبادل، بدأ الحوثيون، أمس، حمل تحذير للموظفين في مؤسسات الدولة في صنعاء من التغيب عن الدوام الرسمي، غدا السبت، والتأكيد على أنه يوم عمل ودوام رسمي، وشمل التحذير تهديدا باتخاذ إجراءات بحق المتغيبين، وذلك في خطوة تحاول منع الموظفين من المشاركة في المظاهرة التي دعا إليها المخلوع، حيث اعتاد إبان عقود حكمه على إخراج الموظفين من مقار أعمالهم والطلاب من مدارسهم وجامعاتهم للتظاهر. على صعيد آخر، وبعد ساعات على إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية على وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية، تقرصنت الميليشيات الحوثية، أمس، على طائرة تقل جرحى من المقاومة الجنوبية، هبطت اضطراريا في مطار صنعاء الدولي بسبب سوء الأحوال الجوية في مطار سيئون (حضرموت) الذي كانت الطائرة متجهة إليه. وبحسب مصادر ملاحية في مطار صنعاء الدولي، فقد سمحت الميليشيات لطائرة الطيران اليمني «اليمنية» التي كانت قادمة من الأردن، بالمغادرة إلى سيئون، بعد احتجازها لنحو تسع ساعات متواصلة، والتحقيق مع أفراد طاقم الطائرة، التي تتبع الخطوط الجوية اليمنية، وقالت مصادر يمنية إن الطائرة كانت تقل 15 جريحا من عناصر المقاومة الجنوبية الذين كانوا يتلقون العلاج في الأردن، وقد تسببت حادثة احتجاز الطائرة في وفاة أحد الجرحى على متنها، وجاء السماح للطائرة بالإقلاع، مجددا، من مطار صنعاء، بعد اتصالات مكثفة أجرتها كثير من الأطراف مع الحوثيين وبعد انتقادات واسعة ولاذعة وجهت إليهم، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي والتي اعتبرت ما أقدموا عليه يتنافى وأخلاق العرب وعادات وتقاليد المجتمع اليمني.