إحراق مستوطنون صهاينة منزل الشاهد الوحيد على محرقة دوما التي راح ضحيتها عائلة الدوابشة، هي ليست جريمة فردية، بل تقف وراءها مستويات سياسية وأمنية، وتدعمها قيادات فاعلة ومهمة في الكيان؛ والهدف منها قتل الشاهد لتبديد الأدلة وإخفاء الجريمة المرتكبة، وشطب آثار المحرقة بحق العائلة البريئة. المخابرات الصهيونية تعلم كل العلم أن متطرفين متربصين بالشاهد إبراهيم الدوابشة، وقد أبلغوه سابقاً أن هناك خطراً يتهدده، وذلك لإرهابه، ودفعه لتكذيب عينيه، وغض طرفه عن جريمتهم النكراء، وهذا يؤشر إلى أن هناك مؤامرة حاكها الكيان بليل بهدف التخلص منه، كما يؤشر إلى أن الاحتلال ومخابراته، يقفون موقف المتفرج حيال جرائم مستوطنيهم. بنفس أسلوب الجريمة بحق عائلة سعد الدوابشة، أقدم مستوطنون على مهاجمة بيت الشاهد بزجاجات حارقة وبالتوقيت نفسه بعد منتصف الليل، لإحراقه وعائلته، ولولا لطف الله ثم يقظته لكان المصير مشابهاً لمصير عائلة الدوابشة المنكوبة. إن عودة المستوطنين الإرهابيين إلى المكان نفسه لتكرار تنفيذ جرائمهم، وإحراق منزل أحد أقرباء العائلة المنكوبة، تؤكد أن الفلسطيني غير آمن حتى داخل منزله، وأن هذه الجريمة الجديدة تُسقط ادعاءات الاحتلال وحديثه عن اتخاذ إجراءات أمنية رادعة للجم إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين، مثلما تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن عصابات الإرهاب الصهيوني تمارس سطوتها الواضحة على أجهزة الاحتلال كافة. هذه الفعلة النكراء لعلها تكون صدمة لصناع القرار الفلسطينيين، وللعالم العربي أيضاً، لتوقظهم من غفلة إحسان الظن بالصهاينة، والنوايا الطيبة التي لا تجدي نفعاً، فهذا كيان إرهابي عنصري قاتل، لا تجدي معه مبادرات، أو مفاوضات، أو تسوية، فهو يتنكر لكل شيء، ويوغل بالدم الفلسطيني، ويضاعف من قوانينه العنصرية التي يبيح فيها القتل، والسرقة. تزامنت جريمة الاحتلال بحق عائلة الشاهد مع زيارة الناجي الوحيد من عائلة سعد دوابشة الطفل أحمد، لنادي ريال مدريد في إسبانيا. الزيارة جاءت لتخفيف وقع الفقد على الطفل الذي حرم من أبويه، والتقى هناك مع نجوم النادي الرياضي في لفتة إنسانية مشهودة، إلا أن ذلك لم يرق لمن يحمل في قلبه الضغينة والحقد الدفين، فاقدموا على فعلة مماثلة تستهدف أقربائه. ويبدو أن هذا الفعل الإجرامي جاء ليوصل رسالة للعالم، أن أي تضامن مع الضحايا الفلسطينيين سيقابل بمزيد من سفك دمائهم، وحرقهم وقتلهم. بعد هذه الحادثة لا يوجد أمام السلطة الفلسطينية اليوم إلا التوجه الفعلي لمحاكمة الكيان أمام المحاكم الدولية، وعدم التأجيل والتسويف والمماطلة، فجرائم الاحتلال لا بد وان تواجه بقرارات فعلية، وعزم أكيد، وهمة قوية، لمحاسبته ومحاكمته وفضحة على رؤوس الأشهاد. ولا بد للمجتمع الدولي الوقوف عند مسؤولياته ووقف مغازلاته لإسرائيل، وعدم مساواة الضحية بالجلاد. الفلسطينيون هم أصحاب الأرض والحق، وإن أي انتصار للكيان يكون مخالفاً لقيم العدالة والإنسانية. ولذا فعلى المنظمات الدولية القيام بدورها الذي أنشئت لأجله وإلا ستفقد أسباب وجودها. aliqabajah@gmail.com