×
محافظة جازان

مصرع يمني وإصابة آخرون في تصادم مركبتين على طريق الريان

صورة الخبر

يسأل خالد الصالح: "هل الدين منطق، وهل كان أهلُ مكة المتحضرون فعلا يؤمنون بالأوثان؟". السؤال بديع، وأحب أن أغامر بإجابته. برأيي حسب قراءاتي لبعض المفكرين، أن أهل مكة إنما كانوا يعبدون أصناماً بلا تدين حقيقي، أي بلا إيمان بها، بدليل أنه ليس هناك جسدٌ كتابي، أو نصوصٌ مكتوبة أو غير مكتوبة لدينهم الوثني غير الدوران على الكعبة ومخاطبة الأصنام والقسم بها بلا وعي ضميري ديني حقيقي، وإنما ورثوه من آبائهم .. وكفى. ومما يعزّز من الرأي هذا أنثروبولوجيا أن مكة مدينة تجارة، ثم إنها ليست فقط معبراً للتجارة أو سوقاً موسمية لها، بل هي صاحبة تجارة عالمية متحركة بما يعرفه العرب آنذاك عن العالم، فهم يتاجرون مع الشمال والجنوب وبرحلات طويلة يحتكون بها بمختلف الشعوب والحضارات والأديان. وخذ أن مَن يفكرون بالدين الوثني منطقاً من أهل مكة يكون أول وعي لهم هو ضد الإيمان بالأصنام الذي لا يمكن أن يوافق منطقهم العملي، وتفكيرهم المبني على المحاسبات الجدلية. وخذ أن شخصاً مثل عم عمر بن الخطاب ـــ رضي الله عنه ـــ وهو يزيد بن عمرو، أظهر السخط على التدين بعبادة الأصنام وأنكرها، كما فعلت جماعات غيره أيضاً، وآذتهم قريش، وطردتهم، وهم مَن يسمون الحنفاء الموحدين. وكما أسلفت، يرى مفكرون أن وثنية أهل مكة لم تكن صادقة ولا خالصة، وإنما كانوا يتجرون بالدين كما كانوا يتجرون بالبضائع التي كانوا يتربحون بمهارة عقلية فريدة من ورائها. وكان أهل مكة أكثر تحضراَ وأرفع ذكاءً من بقية الوثنيين، وهذا الذكاء والتحضر والميل المسرف نحو الحياة والتجارة يبعد عنهم صفة التدين الوثني الحقيقي. وأهم ما في الأديان الإيمان بها يقينا .. وأنا كمسلم لا أرى إلا الدين الإسلامي هو الوحيد الباقي على جوهره من باقي الأديان. ولكن لِمَ يبق المسيحي مسيحياً مثلاً ويعبد ثالوثاً مقدساً من الآلهة، ويقدّس الصليب بدل أن يكرهه منطقاً؟ لأنه رأى آباءه وأجداده يعملون فعمل، وهذا ما قاله لي حرفياً "بيل كارول" المهندس الأمريكي الذي اعتنق الإسلام باسم "يوسف أحمد" .. لأنه فكّر، واقتنع. لذا، أرجو أن أكون على صواب تجنب التعليم الديني بمجرد الوعظ والتلقين، فلا بد من التفكير، ولِمَ لا يكون التعليم الشرعي للشباب عن طريق الأسئلة والأجوبة، كمسلم أفهم ديني أرى أن في الإسلام جواباً لكل سؤال، وهنا يكون اليقين، وإلا سينتشر الشاكّون المدّعون والمتاجرون بالدين. نجيب عبد الرحمن الزامل