يا نديبي فوق زينات المحالي من فروتٍ جابها (فلبي) هدية نصه القصر الخضر هاك الموالي زاميٍ دون البحر كنّه طميّة شعر ينسب إلى الشيخ نافع بن فضلية قد يكون فيها تأريخ للنشاط التجاري للرحالة والمستشرق البريطاني (جون فيلبي) في مدينة جدة لأن شركته كانت أول مورد لسيارات فورد الأمريكية في المملكة العربية السعودية وكانت تبيعها ولا تهديها كما قد يفهم من كلام الشاعر! وكنت قد كتبت في هذه الزاوية قبل مدة كأعظم مكتشفي الجزيرة العربية وبين يدي اليوم كتاب لطيف لا يزيد عن 119 صفحة عنوانه (المستكشف هاري سانت جون فيلبي ورحلته إلى حضرموت) قام بتأليفه أستاذ للأدب في جامعة عدن يدرس رحلة فيلبي إلى حضرموت من خلال قراءة تحليلية لكتاب فيلبي (بنات سبأ) الذي حوى سرداً لهذه الرحلة وكذلك قراءة كتابي فيلبي المتضمنين لسيرته الذاتية وهما (أيام عربية) و (أربعون عاماً في البرية) وكذلك الملف الخاص بفيلبي في وثائق الاستخبارت البريطانية التي نشرها مكتب السجلات العامة والأرشيف القومي البريطاني عام 2002م. هذا الكتاب في مجمله دراسة أدبية تاريخية لكتاب (بنات سبأ) الذي خصصه فيلبي لسرد رحلته إلى حضرموت في سنة 1936م/1355ه في ظل عدم وجود دراسة لرحلة فيلبي هذه وقد قام المؤلف بقراءة تحليلية لكتاب (بنات سبأ) فصل فيها وقائع زيارة حضرموت ورصد ردود فعل الحكومة البريطانية والسكان المحليين والإمام يحيى حميد الدين تجاه الزيارة. جاء الكتاب في خمسة فصول الأول خصص لسيرة فيلبي والثاني والثالث لتحليل وقائع زيارة فيلبي لحضرموت وردود الفعل السياسية والاجتماعية نحوها والفصل الرابع تناول الأبعاد العلمية لتلك الرحلة فيما تطرق الفصل الخامس للأبعاد الفنية والأيدولوجية لكتاب بنات سبأ. ولعل هذا العمل من أوائل الدراسات الأدبية للأسلوب الفني الذي اتبعه فيلبي في تدوين رحلاته والذي يعتمد على تقنية السرد والوصف إضافة إلى الصور والرسومات والخرائط. ما لفت نظري أن مؤلف الكتاب الدكتور مسعود سعيد عمشوش كان متجرداً ولذا فلم يندفع إلى تبني الصورة النمطية السلبية لشخصية فيلبي وعلاقته بالمملكة العربية السعودية التي قولبتها بعض المراجع العربية حيث حاول الربط بين المحطات الرئيسة في حياة فيلبي مؤكداً أن الدافع الأول لمجيئه إلى الجزيرة العربية هو الاستكشاف وليس خدمة المصالح البريطانية أو ابن سعود. وعلى الرغم من صغر حجم الكتاب والذي كنت أتمنى أن تكون طباعته أجمل وأفضل إلا أنه طرق جانباً من حياة فيلبي لم يتناوله الدارسون لهذه الشخصية ومما يؤخذ على المؤلف اعتماده بصورة رئيسة على ترجمات مكتبة العبيكان لكتب فيلبي والملاحظات حولها معلومة للباحثين وكان الأولى به الاعتماد مباشرة على النصوص الأصلية للمؤلفات وخاصة الكتاب الذي اختصت به الدراسة. ولا زالت في سيرة وآثار فيلبي جوانب تستحق العناية والدراسة من قبل الباحثين في الأدب والتاريخ والجغرافيا والآثار لأنه ينفرد في مؤلفاته بتدوين معلومات عن بلادنا في مرحلة مبكرة من تاريخها، ويندر أن تخلو دراسة في التاريخ السعودي الحديث من الإحالة إلى مؤلفات فيلبي والاعتماد عليها.