ذهبتُ لإجراء معاملة حكومية، لا تستلزم ساعتين لإتمامها، خاصة أن جميع متطلبات المعاملة جاهزة وكاملة، وزيادة على ذلك تقديمي المعاملة في فترة ركود، وبلا ضغط على مقدم الخدمة. ولارتياحي لإتمام المعاملة بكل يُسر وسهولة تجاهلت توصيات الزملاء والأقارب بالمرور على (فلان وأخو علان) للاستعانة بهما والتوسط لإنهاء المعاملة في الوقت الذي يناسبني، ولكن إصراري على التجاهل لم يكن للأسف - في محله. بعد التقديم للموظف المختص أصر على استلام معاملتي بشرط راجعنا باكر، وبعد التحدث مع المدير عن ظروف سفري في الغد اقتنع بكسر متلازمة راجعنا باكر واستبدلها بـراجعنا مع نهاية الدوام. ولحرصي الذي زاد أكثر بسبب أعراض متلازمة راجعنا باكر، حضرت في الموعد المحدد لأفاجأ بموظف آخر، وعندما سألته عن المعاملة قال راجعنا باكر!! للأسف، تمت الاستعانة بالجدل وعلامات ارتفاع الضغط مع استخدام أدوات الاسترجاء والاستعطاف، ودخل الموظف للمكتب، وأحضر المعاملة جاهزة للاستلام، وكأن راجعنا باكر هي بالفعل متلازمة، تستدعي التدخل الجراحي العاجل للسيطرة عليها، أو على الأقل إزالتها نهائياً. الموضوع ليس جديداً ومعضلة إدارية قديمة في متابعة المعاملات الحكومية، ولكن الجديد في الأمر أن متلازمة راجعنا باكر متوارثة، وهي من منطلق عدم الإحساس بأهمية تقديم الخدمة للمواطن على أكمل وجه. والخطير بالأمر أن هناك موظفين شباباً مصابون بهذه المتلازمة؛ ما يؤكد بقاءها لمدة أطول، وقد تستمر لأجيال قادمة. ولا ينطبق هذا على الكثير من الجهات والإدارات الحكومية التي واكبت التطور الإداري، وأصبحت سمة في خدمة المواطن بأقل جهد ووقت ممكن، ولكن لا يزال هناك من يفكر بأن الوظيفة تخصه شخصياً، يسعى إلى أخذ الراتب بأقل جهد ممكن؛ ما يستدعي تنمية الرقيب الذاتي باستخدام نظم كفيلة لعلاج متلازمة راجعنا باكر بأسرع وقت ممكن.