بين أبرز سمات الــــبرنــــامج التلفزيوني أن يقدمه مذيع محدَد يعتاد المشــاهـــــدون متابعته ومتابعة طريقته وأسلوبه. هكذا بات البرنامج يرتبط بمقدمه، والمشاهد لا يشعر بارتياح حين يغيب المقدم «الأصلي» لسبب ما فينوب عنه مذيع آخر في تقديم حلقة أو أكثر. سيلاحظ المشاهدون اختلافاً ما بين تقديمين وأسلوبين، بل وكاريزما مختلفة لعلَها هي أيضاً ما يشدُهم للبرنامج أساساً. المسألة لا تتعلق هنا بأداء واجب، ولا بسد فراغ تفرضه ظروف طارئة نعرف جميعاً أنها طبيعية ومتوقعة، لكننا مع ذلك لا نملك إلا ملاحظة الفارق ومعه ملاحظة ارتباط البرنامج بمقدمه الأصلي. ولعلَ هذا بالذات ما يجعل انسحاب مذيع ما بشكل نهائي من برنامجه يعني انتهاء هذا البرنامج الذي ارتبط به إلى حد يجعل إحياءه بمقدم آخر مسألة عقيمة يتبين بعدها أن البحث عن برنامج جديد هو بالتأكيد أجدى وأنفع للجميع. ليس التقديم التلفزيوني مسألة فنية وحسب، لكنه كذلك مسألة إنسانية يلعب فيها التوافق بين الوجه التلفزيوني ومن بعده الاعتياد دوراً مهماً يجعل المشاهدة تنتقل من كونها فعلاً محايداً إلى ما يشبه علاقة خاصة بين مقدم البرنامج والمشاهدين في البيوت التي لا تحصى. هنا بالذات يأخذ الجانب الإنساني مكانه في مركز الأمر كله ويجعل البرنامج يستمر أو لا يستمر على ضوء تلك العلاقة، ولا نبالغ إذ نقول إن نجاح هذه العلاقة لا يعني أبداً قلَة مواهب الآخرين، أو حتى عدم امتلاكهم كاريزما الظهور على الشاشة الصغيرة وتقديم برامج تلفزيونية ناجحة، فما يصحُ بالنسبة الى برنامج ومقدمه لا يصحُ أيضاً لو حاول المقدم ذاته تقديم برنامج آخر، بما ان لكل برنامج حالته الخاصة التي لا تسمح بالتعميم. مع ذلك فالاختلاف بين تقديمين سيكون أوضح وأشد فداحة حين يتعلق الأمر ببرامج الحوارات، وخصوصاً البرامج الفكرية والسياسية المباشرة البث والتي نعتقد أنها أكثر ارتباطاً من غيرها بشخصية مقدمها وأسلوبه واعتياد المشاهدين عليه، وهي لهذا يصح أن يطلق عليها المشاهدون بحق: «برنامج فلان». هي اللعبة التلفزيونية، وأن تكون «لعبة» فهي تفرض شروطها الفنية والفكرية، ولكن الإنسانية أيضاً.