إبراهيم الملا (الشارقة) وسط فرجة مسرحية آسرة في خطابها النقدي والجمالي، وضاجّة كذلك بصور التحولات الاجتماعية والمراجعات الساطعة والمبطّنة في آن لمنظومة القيم الجديدة المترفة والمنفصلة عن واقعها وماضيها، والمنجرفة أيضا نحو خساراتها الذاتية وخيباتها النفسية، قدمت فرقة مسرح دبي الأهلي مساء أمس الأول بمعهد الشارقة المسرحي عرضها (أيام اللولو) الذي احتفى به الجمهور وصفق له طويلا بعد مشهد الختام، نظرا لتميز العرض على صعيد التوليف البصري، والطرح الموضوعي، والتناغم المرهف بين مقولة النص ولغة الإخراج العالية، والمستوى المتصاعد للأداء التمثيلي والإيقاع الدرامي. شهدت المسرحية المبرمجة ضمن عروض المسابقة الرسمية للدورة 26 من أيام الشارقة المسرحية، عودة متألقة للمؤلف والمخرج العتيد «ناجي الحاي»، والممثلة المخضرمة «بدرية أحمد» في دور (لولوة السالم)، بينما قدمت الفنانة الشابة «بدور» دورا لافتا في تصديها لشخصية الابنة (سوزان) وذلك على مستوى الشغل الجسدي، والنسق التعبيري، والنقلات الأدائية اعتمادا على قيمة وحضور الشخصيات العديدة والمتخيلة التي استحضرتها «بدور» على الخشبة، وبكامل بشاعتها وزلّاتها وخطاياها. يقول ناجي الحاي في مدونة المسرحية التي دائما ما تضيء على نقاط مهمة قبل دخول الجمهور في جو العرض: «أتقدم بالاعتذار لكم جميعا، لأنني لم أستطع أن أقدم لكم عرضا وفق المواصفات المعروفة، فالعرض الذي ستشاهدونه بلا حدث ولا قضية ولا شعارات ولا ديكور أو أثقال ضخمة، وبلا بهرجة وبلا مؤثرات ضوئية خاصة ولا حركة زائدة ولا زمن طويل، والأهم أنه عرض بلا صراخ وضجيج وعويل لا معنى ولا فائدة له». ويضيف الحاي: «إنه ببساطة عرض مقتصد في الكثير من عناصره ويحاول الولوج إلى دواخلنا والتعمق في ذواتنا بالاعتماد على الرقص فوق أشلاء أرواحنا، وتحويل أسوأ الأحاسيس والمشاعر التي نمرّ بها إلى مساحة من الفرح، في زمن تتآكل فيه كل لحظات الفرح». ولكن ومع التواصل الحسي والبصري مع مكونات العرض، وبعد مرور دقائق من زمنه المكثف، ستتحول اللاءات النافية التي ذكرها الحاي في المدوّنة، إلى أفخاخ ومصائد متعددة الأنماط والأشكال، سواء الذهنية منها أو تلك المجسدة على طول وعرض الحالة المحكية في مشاع ملغّم بإدانات جارحة، وانتباهات صادمة وموغلة في الذاكرة الشخصية للمتفرج نفسه. ... المزيد