الشارقة (الاتحاد) إلى أي حد يمكن الحديث عن رسوخ تقليد كتابة السير والمذكرات وسط المسرحيين العرب، وهل يمكن الوقوف عند بعض النماذج؟ على هذين المحورين استندت مداخلات ندوة « السير والمذكرات في المسرح العربي: سجل ضد النسيان» التي نُظمت في إطار البرنامج الثقافي المصاحب للدورة السادسة والعشرين من أيام الشارقة المسرحية، ليل الأول من أمس في فندق هوليداي انترناشونال، وأدارتها الباحثة المغربية لطيفة بلخير. في مستهل الندوة، التي شهدت حضوراً ملحوظاً، قدم الكاتب والناقد السوري هيثم الخواجة ورقة تحت عنوان « السير المسرحية: بين الذاتية والموضوعية»، ثمن في بدايتها توجه إدارة المهرجان لعقد ندوة حول هذا الموضوع، ومن ثم قدم تعريفاً للسيرة التي قد تكون ذاتية وقد تكون موضوعية، ثم توقف عند أهمية هذا النوع من الكتابات، قائلاً: « تفيد القارئ والباحث على السواء، لكونها تعكس نضج التجربة وتمد المسرحيين الشباب بالعبر من جهة وهي تجسر المسافات بين الأجيال، هذا عدا عن الفوائد والخبرات التي يستقيها القارئ من قراءة تجارب الآخرين، فثراء التجارب السابقة يسهم في دفع مسيرة الفن الجديدة إلى الأمام..». لكن السؤال الملحاح، بالنسبة للخواجة، هو: إلى أي حد اهتم المسرحيون بسيرهم الذاتية؟ وهل نجح الكتاب والنقاد والمبدعون بكتابة سير موضوعية مفيدة؟. وخلص الباحث إلى أن المكتبة المسرحية العربية لا تتضمن الكثير من هذه السير، مشيراً إلى بعض التجارب المحدودة: المسرحي مراد السباعي، والدكتور حمدي موصللي، ووصفي المالح في سوريا، وفاطمة رشدي ويوسف وهبي، وسليمان القرداحي وسمير العصفوري في مصر، ويوسف العاني وسامي عبد الحميد في العراق، واللافت أن تجربة الطيب الصديقي كتبت من خلال الحوارات التي أجريت معه من قبل سالم أكويندي على ما قال الخواجة، الذي توقف بصفة وتوقف الخواجة بصفة خاصة عند تجربة مراد السباعي الذي كتب سيرته الذاتية في كتاب عنونه بعنوان (شيء من حياتي). من جانبه، توقف الباحث والموثق المسرحي المصري سيد علي إسماعيل عند تجربة سليمان القرداحي باعتبارها الأنموذج الاسبق في الكتابة السيرية المسرحية. وهو ذكر في بداية مداخلته إلى انه يعتبر الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي أول مسرحي كتب السيرة الذاتية 1934 حين كتب «تخليص الابريز في باريس» ثم هناك مارون النقاش الذي كتبت سيرته عن طريقة شقيقته ولو لا هذه السيرة الغيرية لما عرفنا ريادته. ولفت سيد علي إسماعيل إلى ضرب من الكتابة السيرية تضمنته التقديمات الخاصة بالنصوص المسرحيات. واستخلص إسماعيل العديد من المعلومات السيرية الخاصة بسليمان القرداحي من جملة مراسلات خطابية عائلية تحصل عليها أخيراً، كما قال، وهي تعكس جانباً مهماً من بدايات القرداحي الذي يعد من رواد المسرح في مصر في أواخر القرن التاسع عشر. أما الدكتور محمد يوسف فلقد جاءت مداخلته متحسرة على غياب تقليد كتابة السير والمذكرات في الثقافة المسرحية العربية، معتبراً أن المبدعين خاصة في مجال المسرح «ظلموا أنفسهم كثيراً حين لم يكتبوا سيرهم أو مذكراتهم فضاع كل ما قدموه وضيعوا فرصة التعرف على ما عانوه وما غالبوه». وعلل غياب هذا التقليد بضعف المؤسسات الثقافية التي يفترض بها ان تكون معنية بالمبدعين؛ وتطرق إلى بعض التجارب الفنية التي انطوت برحيل أصحابها من دون أن تتوافر عنها أية مصادر أو مراجع يمكن الرجوع إليها.