حققت القوات النظامية السورية تقدماً كبيراً، ووصلت أمس إلى مشارف مدينة تدمر الأثرية بمؤازرة من سلاح الطيران الروسي، بهدف استعادتها من تنظيم داعش الذي يسيطر عليها منذ مايو الماضي. في حين يعتزم مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا إصدار وثيقة تتضمن رؤية مشتركة محتملة بين النظام والمعارضة، بينما تواصلت المحادثات غير المباشرة بين الطرفين في جنيف. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، رامي عبدالرحمن لـفرانس برس، إن قوات النظام السوري أصبحت على بعد كيلومترين جنوب مدينة تدمر وتبعد خمسة كيلومترات عن غرب مدينة تدمر، موضحاً أن هذا التقدم جاء بعد استعادة سيطرتها على جبال الهيال المطلة على المدينة وتقع في الطرف الجنوبي الغربي منها. وبدأت القوات النظامية في السابع من مارس الجاري عملية لاستعادة تدمر في محافظة حمص في وسط سورية بغطاء جوي كثيف توفره الطائرات والمروحيات الروسية. وتعد هذه العملية وفق عبدالرحمن، معركة حاسمة لقوات النظام، كونها تفتح الطريق أمامها لاستعادة منطقة البادية، وصولاً الى الحدود السورية العراقية شرقاً. وأوضح عبدالرحمن انه في حال نجحت قوات النظام في استعادة تدمر سيخسر تنظيم داعش تلقائياً منطقة البادية بين المدينة والحدود العراقية شرقاً، أي مساحة تصل الى 30 الف كيلومتر مربع. سياسياً، قال رئيس مجموعة القاهرة في محادثات جنيف، والمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، أمس، إن دي ميستورا يعتزم إصدار وثيقة تتضمن رؤية مشتركة محتملة. وأضاف للصحافيين بعد الاجتماع مع دي ميستورا في جنيف سمعنا من دي ميستورا أنه سيصدر وثيقة تتضمن رؤية مشتركة محتملة، ليست جاهزة بعد لكننا نعتقد أنها في الاتجاه الصحيح وتغطي الكثير من النقاط المهمة لمجموعة الرياض ومجموعة القاهرة ومجموعات موسكو. وبدأ دي ميستورا اجتماعاته، أمس، بلقاء مع وفد النظام السوري. وقال رئيس الوفد ومندوب سورية لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، في مقابلة مع فرانس برس، إنه سيسلم دي ميستورا تصورهم عن جدول اعمال المفاوضات التي تنطلق جولتها المقبلة في أبريل المقبل. واعتبر الجعفري ان عدم الاتفاق على جدول الاعمال يعيق التقدم بشكل رئيس في جنيف، لكنه أضاف أستطيع القول إننا اقتربنا إلى حد ما من كسر جدار الجمود الذي كان قائماً في الجولة الأولى، من ناحية الشكل وليس الجوهر. وانتقد الجعفري انتقائية واستنسابية الوفود الأخرى في مقاربتها للقرار 2254 الذي قال إنه واسع وشامل ويجب أن نراعيه بكل أحكامه، فهو يتحدث عن مكافحة الإرهاب ويجب أن نتطرق إلى ذلك، ويتطرق إلى حوار سوري - سوري من دون تدخل خارجي وشروط مسبقة. وشدد على أن أولوية الوفد الحكومي في الجولة المقبلة هي بحث محاربة الإرهاب، مؤكداً أن حل النزاع الذي تشهده سورية منذ خمس سنوات والذي تسبب في مقتل أكثر من 270 ألف شخص يبدأ حكماً بمكافحة الإرهاب، ونحن محتاجون إلى تضامن العالم معنا. وكان دي ميستورا قال للصحافيين، أول من أمس، إن الحل اللازم لمكافحة الإرهاب يمر بالتوصل الى صيغة للانتقال السياسي في سورية، وهو ما يرفض وفد دمشق الخوض في تفاصيله، مشدداً على أن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد ليس موضع نقاش في جنيف. ويحدد القرار 2254 الذي تبناه مجلس الامن بالإجماع نهاية العام الماضي خريطة طريق تتضمن مفاوضات بين النظام والمعارضة، ووقفاً لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر، وتنظيم انتخابات خلال 18 شهراً. ولا يشير هذا القرار الى مصير الأسد، وهو ما تعتبره دمشق ليس موضع نقاش في جنيف. وبحسب الجعفري فإن آليات الحوار والتغيير السياسي والانتقال السياسي وحكومة الوحدة الوطنية كلها جزء لا يتجزأ من جدول الاعمال، معتبراً أنه اذا كان القرار 2254 بوصلة او خريطة طريق فهو يحتاج الى جدول اعمال يحدد أولويات المشاركين في هذا الحوار. وأقر بأنه لا قراءة واحدة لمسألة الانتقال السياسي، مضيفاً نحن فهمنا شيئاً والطرف الآخر فهم شيئاً، وربما لدى دي ميستورا حل وسط. وكان دي ميستورا حث الوفد الحكومي نهاية الأسبوع الماضي على تقديم مقترحات عملية بشأن رؤيته لموضوع الانتقال السياسي الذي يعتبره أساس محادثات جنيف. وتتزامن محادثات جنيف غير المباشرة مع زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى موسكو، للقاء الرئيس فلاديمير بوتين وويز الخارجية سيرغي لافروف في محاولة لدفع مفاوضات جنيف وتقييم وقف إطلاق النار الذي تشهده مناطق سورية عدة بموجب اتفاق بين الطرفين منذ 27 فبراير، ترعاه الأمم المتحدة. ويعوّل دي ميستورا على محادثات موسكو التي ننتظر الكثير منها على حد قوله، آملاً أن تكون بناءة لتساعدنا على المضي في المحادثات بشكل معمق أكثر. لكن الجعفري اعتبر أن الحديث عن ضغوط تمارسها روسيا على الحكومة السورية لتقديم تنازلات في جنيف هو قراءة خاطئة. وقال إذا كان من ضغط يجب ان يمارس فنحن نتمنى من الأميركي ان يمارسه على المجموعات المسلحة وعلى رعاتها، لكي يساعدوا على دفع الأمور قدماً. وأضاف عندما نقول إن الحوار سوري - سوري من دون تدخل خارجي فهذا يشمل الروس والأميركيين. لا استثناءات هنا. ويضع محللون قرار روسيا المفاجئ الأسبوع الماضي بسحب الجزء الأكبر من قواتها من سورية، والذي بدأت تنفيذه تدريجياً في إطار الضغط على دمشق. من جهته، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أمس، إن الأمر يتطلب حلاً في سورية يبقي عليها كدولة علمانية يمكن أن تتعايش فيها كل الجماعات. وأضاف في مؤتمر صحافي بموسكو بعد اجتماعه مع لافروف، أنه لا مجال لإهدار الوقت في مفاوضات السلام السورية، وحث كل الأطراف على عدم تعطيل المحادثات.