جلس رعد الحائري يراقب مواكب سيارات مصفحة رباعية الدفع تنقل نوابا وسياسيين ودبلوماسيين من والى المنطقة الخضراء حيث مقر الحكومة العراقية، من احدى خيم المعتصمين التي نصبت في وسط بغداد للاحتجاج على الفساد المستشري. يكسب الحائري العامل اليومي البالغ من العمر 27 عاما حوالي 400 دولار شهريا ولذلك لديه الوقت للانضمام الى الالاف من انصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للمشاركة في الاعتصام للدعوة الى الاصلاح ومحاربة الفساد. على مقربة من حاجز اسلاك شائكة وضعتها قوات الامن، لفصل طريق خاص لمرور المسؤولين الى احد المداخل الرئيسية للمنطقة الخضراء التي تضم مكاتب رئيس الوزراء حيدر العبادي والبرلما والسفارات الاجنبية، قال الشاب الحائري بحسرة "عندما ترى هؤلاء النواب يتنقلون بسيارات مصفحة فارهة ويستلمون رواتب بنحو 12,000 دولار شهريا، تشعر بحزن. انهم يسرقون اموال العراق". بدأ التيار الصدري الجمعة اعتصامات عند المداخل الرئيسية للمنطقة الخضراء حيث مقرات حكومية بينها مقر رئيس الوزراء حيدر العبادي وسفارات اجنبية بينها الاميركية والبريطانية. واكد المعتصمون ان الاعتصام سيستمر حتى انتهاء المهلة التي منحها الصدر لرئيس الحكومة حيدر العبادي لتشكيل حكومة تكنوقراط بدلا من اعضاء حكومته المتهمين بالعمل لخدمة احزابهم السياسية ومصالحهم. وعلى الرغم من عدم موافقة السلطات على الاعتصام، لم تسجل اي حادثة في ظل تطبيق النظام الذي تفرضه قوات الامن حول مواقع الاعتصام. لكن الاوضاع يمكن ان تتغير خلال اسبوع خصوصا مع اطلاق المعتصمين تهديدات باقتحام المنطقة الخضراء في حال عدم الاستجابة لمطالبهم عند انتهاء المهلة التي حددها الصدر ب 45 يوما وبدأت في 13 شباط/فبراير الماضي. واكد رعد "أنا أجلس هنا واكابد من اجل لقمة خبز. انهم مازالوا لايدركون اننا مستعدون للموت هنا والدخول الى المنطقة الخضراء اذا طلب منا السيد مقتدى". وفيما ينتظر مئات المعتصمين اوامر الصدر الموجود في مقره في مدينة النجف المقدسة عند الشيعة، تعرض مقاطع من خطاباته عبر شاشة كبيرة نقلتها قناة "الطيف" التابعة للتيار الصدري. وقال محمد محمود البالغ من العمر 29 عاما من اهالي منطقة الزعفرانية، ذات الغالبية الشيعية في جنوب بغداد، ان "الاوضاع هنا جيدة، نشعر بأننا عائلة كبيرة. التقينا اصدقاء لم نرهم منذ زمن طويل". وتابع ان الاعتصام "منظم بشكل جيد ويقدمون الطعام للمشاركين". يتناوب المعتصمون وجميعهم رجال على البقاء في المخيم لثلاثة ايام لكل منهم ثم يحل محلهم آخرون من مدينة الصدر المعقل الرئيسي للتيار الصدري في بغداد، ومن مناطق اخرى في بغداد وخارجها. وفي حديقة خضراء عند مدخل مخيم الاعتصام، ينهمك طباخون في اعداد قدور كبيرة لطبخ الفاصولياء للمتواجدين هناك. في موقع قريب يواصل حسام جبار، المسؤول عن اعداد الشاي، نشر عشرات الاقداح الورقية التي وضع بداخلها السكر لتقديم الشاي لافواج المعتصمين المتجمعين من حوله. ويقول جبار وهو يحمل غلاية شاي كبيرة بيده، ان "بعض السنة يقولون ان الشيعة افضل لان بيدهم السلطة لكني اقول اننا كالاموات، وضعنا اسوأ من الجميع". وتابع بصوت عال وسط جلبة الاخرين ان "المستفيد الوحيد هم الاحزاب، هؤلاء السياسيون لايمثلون الا انفسهم، وليس الشيعة". واشار الى ان "عددا كبيرا من المعتصمين يتوقعون ان يكون حيدر العبادي مختلفا عن اخرين من حزب الدعوة الذي ينتمي اليه، واظن انه صادق في رغبته في تطبيق الاصلاحات". ويرى المعتصمون انه ليس هناك مبرر للعبادي لمعارضة اعتصامهم، كونهم يعتبرون نجاحه انتصارا سياسيا لايمكن له ان يحققه لوحده. ويقول علي هاشم (40 عاما) الموظف الحكومي الذي طلب اجازة لثلاثة ايام للمشاركة في الاعتصام، ان العبادي "سينقذ نفسه من الفساد السياسي لكتلته السياسية، اذا نفذ مطالبنا، وسيكون انجازا كبيرا له (...) اذا لم يفعل فهو اما ضعيف جدا او واحد منهم". وذكر هاشم بان العبادي قد حصل قبل ذلك على دعم المرجع الشيعي الاعلى اية الله علي السيستاني وحلفاء اجانب كثيرين. مؤكدا "نحن نعطيه (دعم) الشارع" العراقي.