×
محافظة القصيم

عام / وكيل محافظ الرس يكرم الطلاب المتميزين سلوكياً والمتفوقين باختبار القدرات

صورة الخبر

في خامسة ليالي مهرجان أيام الشارقة المسرحية قدمت أمس الأول، في قصر الثقافة، مسرحية صوت السهارى وهي من تأليف عبدالله صالح وإخراج حسن يوسف، لفرقة مسرح دبي الشعبي، وتعرض خارج المنافسة. تبدأ المسرحية بامرأة ريفية اسمها خديجة تعنف عامل مزرعتها على تفريطه في العناية بعنزاتها وإهماله للمزرعة، وتضربه وتطارده وتهدده ببندقية في يدها، وهو يبكي ويعتذر لها ويحلف لها أنه لن يفرط في عمله مرة أخرى، وتسأله لماذا تأخر حتى تلك اللحظة، وما الذي شغله عن عمله، فيقول لها إنه مر بأحد إخوتها فدعاه ليعطيه رسالة لها، وأعطاها الرسالة وفتحتها، فإذا فيها نقود، فهدأ غضبها وتركته، وشكرته، ثم أمرته بالذهاب للاعتناء بالحديقة، وانشغلت بغسل أثوابها، وخلال ذلك كانت تحدث نفسها عن حياتها كامرأة وحيدة كتب عليها أن تقوم بشأنها، وبعد أن تخلى إخوتها عنها، لم يعد يهمهم سوى أن يأخذوا منها الحديقة أو يستحوذون على نقودها، وهي صامدة صابرة تقف في وجوههم كالرجال، ورغم ذلك فهي تبدو مهدودة من الداخل وتعيسة. تخرج خديجة إلى مزرعتها، وتدخل القاعة دراجة نارية يقودها فتى، وقد أردف خلفه رجلاً يلبس بدلة، ويضع ربطة عنق ويعتمر قبعة، وعلى كتفه حقيبة سفر، كأنه قادم لتوه من بلاد الغربة، وتتوقف الدراجة في وسط القاعة وينزل منها الرجل، ويعود الفتى أدراجه بعد أن يطلق بوق الدراجة لينبه إلى قدوم الرجل، وتدخل خديجة تحمل بندقيتها، وتجد الرجل أمامها، وأثناء حوارها معه، نعرف أنه ابن عمها، واسمه عيد، وهو قادم من بلاد الغربة بعد سنوات طويلة من الهجرة، لكن خديجة لا تستقبله بترحاب، فقد هددته بالقتل ثأراً لأبيها الذي تدّعي أن والده قتله، عندما كانت هي صغيرة، وقد هرب والده ولم يعد إلى القرية، وكان ذلك سببا في موت أمها، ويدافع عيد عن نفسه، بأن والده لم يقتل أباها، وأن الشرطة برأته من التهمة، وينتهي بهما النقاش إلى أن تكف عن تهديده بالقتل، في مقابل أن يغادر مزرعتها. يتجه عيد إلى الباب يريد المغادرة، لكنه يدور في المكان، فتنهال عليه ذكريات صباه، وكيف كان يلعب معها وهما صغيران، فيعود إليها ويبدأ بتذكيرها ببعض أحداث الطفولة التي عاشاها معاً، فتخف حدة نبرتها اتجاهه، وتبدأ بدورها في تذكّرها وسردها بالتناوب معه، وتمر لحظات أنس بينهما، لكن خديجة لا تلبث أن تنتفض، وتأمره بمغادرة المكان، وتعود إلى تهديده، فيحزن، ويستعطفها، ويعاتبها على هيئتها وتقمصها شخصية الرجال، وهي التي كانت فتاة جميلة فرحة وسعيدة، وتدافع عن نفسها بأنها اضطرت لذلك، عندما توفي أبواها ووجدت نفسها وحيدة في مواجهة قساوة الحياة، وقد تخلى عنها إخوتها، وأنها لو لم تفعل ذلك لسلبت منها مزرعتها وغنمها، وأصبحت مشرّدة، ويغتنم عيد الفرصة للتعبير لها عن حبه لها، وأنه ما جاء من الغربة إلا لكي يلقاها، ويفتح معها صفحة جديدة من الحب، ويبنيا معاً حياة جديدة، ثم يعرض عليها الزواج، فتضطرب وتدخل في بيتها، وتغلق الباب خلفها، فيظن أنها لا تريده، ويهم بالمغادرة، لكنها تخرج من جديد، حاملة بندقيتها، وفي حركة مضحكة توجه إليه البندقية وتأمره بالوقوف، وتنادي على عاملها، ليشد وثاقه، ولما ينتهي من وثاقه تأمره أن يخرج ليأتي بالمأذون. قالب المسرحية العام، هو قالب كوميدي، لكنه من الكوميديا الموجهة التي ليس فيها افتعال، وقد رفع وجود الفنان القدير عبدالله صالح في العرض مستوى التمثيل إلى مستوى راق، نظراً لما يتمتع به من قدرات هائلة في هذا المجال، وفي الإطار ذاته كان أداء الممثلة البحرينية في الشرقاوي جيدا، واستطاعت أن تتناغم مع عبدالله صالح، وكانت الديكورات والإكسسوارات ملائمة لجو القرية الريفية الذي تدور فيها المسرحية، واستعان المخرج بالحركة الخلفية للمجموع التي تظهر من وراء الباب وحائط المنزل القصير، لخلق فضاء القرية، وشكلت الأغاني التي قدمها عبدالله صالح إضافة جميلة للعرض، وفكرة المسرحية رومانسية إلى حد ما، فهي محاولة لإحياء حب ميت، والتمتع ولو بلحظة واحدة من الحياة، حتى ولو جاءت متأخرة، ويسجل للعرض استدعاء مثل هذه الرومانسية التي استدعت المشاعر الإنسانية، لكنّ المشكلة هي في المعالجة الفنية، والتي تلخص الحياة الإنسانية في جانب واحد هو علاقة الحب، وتغفل الجوانب الأخرى، فيأتي الطرح ضامراً، ويفقد العمق الفكري والدلالي المرجو منه.