×
محافظة المنطقة الشرقية

قوات «الشرعية» تتقدم في الجوف وتعز وشبوة

صورة الخبر

 لا يزال السفر جواً في السعودية يرتكز في تشغيله على ثقافة «الاضطرار»، فأنت مضطر أولاً إلى السفر جواً، لأن السفر بالقطار غير متاح، ولأن السفر بالسيارة بصحبة العائلة يعني أضراراً صحية وربما بيئية، لأن محطات واستراحات الطريق في حال يرثى لها، وجلها يعاني من سوء النظافة وعدم احترام الحاجات الإنسانية والبيولوجية للإنسان، وخصوصاً العائلات وأكثر خصوصية النساء والأطفال. تأملت ذلك وتأكد لي وأنا أرى أكبر المطارات السعودية، مطار الملك خالد الدولي في الرياض يعاني القادمون إليه من تأخر أمتعتهم إلى مدد تصل أحياناً إلى مدة سفرهم نفسها، فالقادمون من المدن السعودية الأخرى وقفوا أمام السير المتحرك ما معدله ساعة كاملة، وشهدت ذلك ليل الجمعة الماضي واستمعت للجمهور يخاطب موظفي الخطوط السعودية المغلوبين على أمرهم من دون الحصول على إجابة شافية. المضحك أن هناك من يضطر للسفر على درجة الأعمال، وأقول يضطر لأن المقاعد محدودة دائماً، فيضطر لها، وهي بأسعار مرتفعة جداً، وبإمكانات رفاهية متواضعة، بل إن من يدفعون تذاكر درجة الأعمال لا يحصلون على مقاعد حديثة، وفي غير المطارات الكبرى الثلاثة لا يجدون صالة درجة الأعمال إلا مكاناً بائساً خالياً من الخدمات والصحف والإنترنت، بل وحتى العصائر والوجبات الخفيفة. كان وقوفنا كمسافرين أمام سير الأمتعة قصة إخفاق حقيقية لتطوير هذا المطار، وهو من قبل ومن بعد قصة إحباط عميق لطموحاتنا السياحية، وبالطبع قفزت المقارنات، وظهرت الحسرات. أغرب ما في الموقف هو سلبية موظفي الأمتعة، وإقرارهم بأن هناك خللاً ما، وتندرهم على أن ركاب درجتي الأولى والأعمال وبحكم الأنظمة العالمية يجب أن يحصلوا على أمتعتهم أولاً، ولكن هذا على حد إجابتهم للمسافرين «غير معمول به هنا»! إذاً المعمول به هو التسعير المرتفع الكلفة، ولا شيء غير ذلك. الاضطرار يأتي أيضاًً من دواعي السفر، فمعظم المتنقلين داخل السعودية يزورون عائلاتهم، وهم ومعهم القادمون إلى السعودية من الخارج يسافرون إلى مدن المنطقة الغربية تأدية لفرائض دينية، أو رغبة في الاستزادة من النور والحبور بزيارة الحرمين الشريفين. إذاً ستظل الخدمات في المطارات متكئة على هذا الاضطرار، وإن كنا شهدنا تطورات في عدد المطاعم ومحال الحلويات، فإن الخدمات الحقيقية التي يحتاج إليها المسافر، وفي مقدمها تسلم أمتعته في وقت يماثل كل المطارات الدولية في العالم لا تزال غائبة. احترام أوقات الناس، المسافرين في هذه الحالة، جزء من ثقافة المنشأة، وهذه المنشأة مسؤولة عن حلم سعودي كبير بتطوير قطاع السياحة الداخلية، إذ هي من سيجعل تجربة السفر جزءاً من المتعة والسياحة، وليس جزءاً من العناء وتكبد المشقة. كل شركات الطيران تسعى لتشجيع الركاب على تقليص أمتعتهم، وهذا مفهوم، لكن الخطوط السعودية تسعى إلى ذلك بالإكراه، متجاهلة طبيعة ركابها من الأسر السعودية ذات متوسط عدد الأفراد المرتفع، وذات الترابط الاجتماعي العميق الذي يجعل سفر العائلة يشمل أحياناً الجد والجدة مع الأحفاد، فيمكن تخيل حجم أمتعة عائلة كاملة.   mohamdalyami@