من أجل فهم حضارة الأتروسكيين المتوسطية الكبيرة في العصور القديمة، يغوص معرض في كورتونا في وسط إيطاليا، في لغتهم التي لا تزال غامضة، مع أنه تمكن قراءتها وفك حروفها. انطلق المعرض وهو بعنوان «الأتروسكيون أرباب الكتابة: مجتمع وثقافة في إيطاليا القديمة»، وينظمه متحف الأكاديمية الأتروسكية وبلدية كورتونا ومتحف اللوفر وموقع لاتارا الأثري التابع لمتحف هنري براد في مونبولييه (جنوب فرنسا)، وهو الأول من نوعه حول هذا الموضوع منذ ثلاثة عقود. ويستمر حتى 31 تموز (يوليو) المقبل. وأوضح ليونيل بيرنيه أحد مفوضي المعرض العلميين، أن «الهدف من المعرض هو اكتشاف حضارة من خلال منظار الكتابة». وأكد لوران هامويسير المسؤول عن المجموعات الأتروسكية في اللوفر: «إنه مدخل مميز لفهم الأتروسكيين». وهو يسمح أيضاً بإظهار «انفتاحهم على المتوسط» من خلال الجمع بين مجموعات تاريخية إيطالية وفرنسية وعرض نتائج حفريات أثرية جديدة، لا سيما في جنوب فرنسا. فاعتباراً من العصر الحديد، هيمن الأتروسكيون على منطقة واسعة تشمل توسكانا ولاتزيو، حتى القرن الأول قبل الميلاد مع ضمهم إلى الجمهورية الرومانية. ويعمد المعرض الذي يفتح على ألواح تمثل الأبجدية الأتروسكية واليونانية واللاتينية، المنهج التثقيفي، فكل نقش باللغة الأتروسكية عثر عليه على قطع تستخدم في الحياة اليومية (مرايا وتماثيل التقديمات ومزهريات) مرفق بطريقة لفظه لكن بالأبجدية اللاتينية وبمعناه. وتعرض في كورتونا أيضاً النصوص الثلاثة الأطول المعروفة باللغة الأتروسكية من بينها لفافة «مومياء زغرب» التي لا تنقل من مكانها بسبب هشاشتها. وأوضح هاوسميسير أنه «الكتاب الوحيد على القماش من العصور القديمة الذي وصل إلينا. إنه على الأرجح روزنامة طقوس كان ربما في حقيبة كاهن أتروسكي سافر إلى مصر». ومن الوثائق اللافتة أيضاً وثيقة «تابولا كورتونينسيس» التي اكتشفت قبل سنوات قليلة، «وهي على الأرجح عقد بيع مع سلسلة من الأسماء تظهر ربما انتقال ملكية قطعة أرض مع أول ذكر تاريخي لبحيرة تراسيمينو القريبة». وأعيد اكتشاف اللغة الأتروسكية اعتباراً من عصر النهضة، لا سيما القرن الثامن عشر من خلال نقوش عثر عليها علماء آثار هواة في تلك الفترة وبدأت عندها محاولة لفهم هذه الأبجدية.