خارج أسراب الغناء وفوق إيقاع السجع، يبقى الإحساس بـ «الأم» الضابط الأصدق لدوزنة اللحن على وتر الغناء، فليس أعظم من مقطوعة موسيقية تتراص فيها معاني العشق والوجد والحب والانتماء، ولأنها الأم فإن ملامسة عمل فني لمشاعر جياشة تجاه وطن من المشاعر النبيلة يتطلب حتما عملا استثنائيا وجهدا خاصا حتى يبصم حضوره في ذاكرة الناس ومسامعهم. وإن كان الحديث عن الأم في الأغنية العربية فإن العمل الخالد للفنانة فايزة أحمد الذي لحنه الموسيقار محمد عبدالوهاب يظل أيقونة خالدة في صدر الغناء العربي منذ نصف قرن تقريبا، إذ إنه ووفقا للشواهد والأرقام لم يوازه عمل مماثل أو حتى ينازعه الحضور على مشهد الساحة حتى يومنا هذا. تاريخيا غنى عمالقة الفن العربي للأم، إذ قدمت الفنانة شادية أغنية «ماما يا حلوة»، التي صاغها كمال منصور ولحنها منير مراد، وغنت صباح الخير يا مولاتي من كلمات الشاعر الراحل صلاح جاهين ولحن كمال الطويل، فيما شاركها محمد فوزي ونازك غناء «أحن قلب في الدنيا» في فيلم فيلمه «كل دقة في قلبي». وجدت الأجيال التالية صعوبة بعد هذا العمل الفاخر في أن تضاهيه، فآثر كثير منهم إعادة غنائه في مناسبات مختلفة، لكن ذلك لم يمنع بعضهم من تقديم أعمال خاصة، إذ طرح الفنان فايز المالكي عملا خاصا عن والدته أعاده الفنان علي بن محمد بعنوان «يمه»، فيما قدم كل من تامر حسني ورامي عياش ويارا وهيثم شاكر وجنات عملا مشتركا بعنوان «أمي»، فيما قام المطرب محمد حماقي بتقديم أغنية «أكتر واحدة حبتني» من كلمات وألحان عزيز الشافعي، وغنت شيرين «بحبك يا أمي» من كلمات هاني عبدالكريم، وألحان محمد مصطفى، وقدم الفنان سامي يوسف أنشودة بعنوان «أمي» وجدت قبولا لدى المستمع العربي في الآونة الأخيرة.