استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس السفير الهولندي في إسرائيل كاسبر بلدكمب للاحتجاج على ما وصفته بـ «الحوادث المعادية لإسرائيل» في هولندا في الشهور الثلاثة الأخيرة والتي كان آخرها صدور قرار عن صندوق التقاعد الهولندي يقضي بسحب أمواله من بنوك إسرائيلية لوجود فروع لهذه البنوك في المستوطنات وتعاملها مع شركات تقوم بتنفيذ عمليات البناء في المستوطنات. وقرار صندوق التقاعد الهولندي واحد من سلسلة ضربات تلقتها إسرائيل في الحلبة الدولية في الشهور الأخيرة بسبب مواصلتها سياسة التوسّع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية. وامتدت هذه الضربات من أميركا إلى أوروبا وأستراليا وكندا، وشملت إجراءات حكومية وغير حكومية. ومن الإجراءات الحكومية قيام الاتحاد الأوروبي العام الماضي بإلزام إسرائيل بتصنيف منتجاتها القادمة من المستوطنات، وقراره الذي دخل حيّز التنفيذ مطلع العام الحالي القاضي بمقاطعة أي أنشطة أو مؤسسات أو مشاريع إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أي في المستوطنات. ومن الخطوات غير الحكومية قيام جمعية أكاديمية أميركية تضم في عضويتها خمسة آلاف أكاديمي بمقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية التي لها فروع أو مقرات في المستوطنات. ومنها أيضاً قيام نقابات كبيرة في بريطانيا والنروج تضم في عضويتها أكثر من سبعة ملايين عامل بمقاطعة إسرائيل. ومنها أيضاً قيام شركات بإلغاء عقود عمل في المستوطنات مثل شركة القطارات الفرنسية «فيولا» التي ألغت عقداً مع الحكومة الإسرائيلية لأن المشروع المتفق عليه مقام في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأدى إلزام الاتحاد الأوروبي لإسرائيل بتصنيف منتجاتها القادمة من المستوطنات إلى إلحاق خسائر كبيرة في المستوطنات الإسرائيلية الزراعية في الأغوار حيث تُقام مشاريع زراعية ضخمة مخصصة للتصدير للاتحاد الأوروبي. وأعلن رئيس مجلس المستوطنات في الأغوار في لقاء مع وسائل الإعلام قبل أيام أن خسائر كبيرة لحقت بمنتجات المستوطنات جراء قرار الاتحاد الأوروبي المذكور بلغت مئة مليون شيكل (أكثر من 30 مليون دولار). وقال إن قيمة الصادرات الزراعية لمستوطنات الأغوار إلى دول الاتحاد الأوروبي انخفضت العام الماضي من 700 مليون شيكل (210 ملايين دولار) إلى 600 مليون شيكل (180 مليون دولار). وأعرب عن قلقه من تزايد معدلات الخسائر في العام الجديد جراء تزايد المقاطعة الشعبية في أوروبا، بخاصة في بريطانيا، لمنتجات المستوطنات. وقال إن عدداً متزايداً من المحال التجارية في أوروبا بات يعزف عن عرض منتجات المستوطنات تجنباً للاحتجاجات التي تقوم بها حركات المقاطعة لإسرائيل. وتلقت حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل التي تحمل الرمز (BDS) دفعة كبيرة في عام 2013 تمثلت: أولاً، في قرار الاتحاد الأوروبي مقاطعة المشاريع والمؤسسات الإسرائيلية العاملة في المستوطنات، وثانياً، في وفاة الزعيم الجنوب أفريقي نلسون مانديلا الذي يُعد رمزاً للنضال العالمي ضد التمييز العنصري. وأثارت وفاته جدلاً واسعاً حول العالم في شأن درجة التشابه بين وسائل التمييز العنصري سابقاً في جنوب أفريقيا والتمييز العنصري الجاري اليوم من قبل إسرائيل ضد الفلسطينيين. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد المجتمع الفلسطيني نقاشاً واسعاً في شأن الخيارات المستقبلية على ضوء فشل مشروعي السلام والحرب، إذ وصل كل من خيار المفاوضات والعمل العسكري إلى طريق مسدود. وقال الدكتور مصطفى البرغوثي أحد قادة العمل الشعبي في فلسطين: «الاستراتيجية الوحيدة الناجحة اليوم تقوم على: المقاومة الشعبية على الأرض، والمقاطعة الدولية، وتوحيد الشعب، وتبني سياسات اقتصادية قائمة على تعزيز صمود الناس». وأضاف: «هذا ما حصل في جنوب أفريقيا، وهكذا انتصر نضال شعب جنوب أفريقيا». وقال البرغوثي إن الأمل الفلسطيني منعقد على حركة المقاطعة الدولية لتصعيد خطواتها والعمل على دفع دول العالم لمقاطعة إسرائيل عسكرياً، مشيراً إلى أن إسرائيل هي ثالث أكبر مصدّر للسلاح في العالم. وأضاف: «نريد منع وتحريم استيراد بضائع المستوطنات المقامة على أرضنا، ومقاطعة المؤسسات الإسرائيلية الأكاديمية والثقافية الإسرائيلية لإجبارها على إنهاء الاحتلال».