نشاهد كثيرا مقاطع فيديو لمتشددين وهم يُكسّرون آلة العود، وغالبا السيناريو نفسه يتكرر. شخص تائب يعتلي المسرح ويعطي العود لهذا المتشدد الضخم البنية، فيقول بعض النصائح وهو ممسك بالعود، ثم يرفعه بيد والمايكروفون باليد الأخرى، ويهوي به على الأرض بكل ما أوتي من قوة، مرة ومرتين وثلاث مرات، حتى يجعله حطاما، مع تكبير بصوت عال يتبعه تكبير كل الحاضرين، ثم تختلط مشاعر الفرح بالدموع، ويبدأ كل من على المسرح بعناق بعضهم بعضا، عناق الأحبة في لحظات شاعرية وعاطفية، ولكن ما زلت أسأل نفسي لماذا كل هذه المشاعر الساخطة على آلة العود؟ ربما تعتقد لوهلة أنه إسرائيل، وليس عودا! هناك طاقة من الغضب الشديد، بركان داخلي وانفجر، وجعل العود سببا ليُخرج كل ما في جوفه من شحنات سلبية، حتى لو ذهبنا مع رأي العلماء الذين حرّموا الموسيقى -رغم أنه مُختَلف عليها- ولكن هل هذا العود هو أكبر الحرام؟ هل هو من الكبائر؟ هل تكسيره وتحطيمه له قيمة يستفيد منها المجتمع؟ في كل مرة أشاهد مثل هذه المقاطع، ومع كمية التكبير والبكاء والدموع والعناق "والخمخمة"، أشعر بأنهم حرروا القدس! هذا الفكر يحمل طاقة عنيفة سلبية جعل من تحطيم العود متنفسا لتفريغ غضبه وللصراخ بصوت عال، ولذلك أدعو إلى احتواء هذا الغضب الشديد، حتى لا يتحول من تكسير عود لأمور أخرى أكثر عنفا وأشد ضررا. الفكرة باختصار، أن تتولى جهة معينة مثل "المؤسسة العامة لتحطيم الأعواد" مهمة توزيع أعواد لكل من يحمل هذا الفكر، وكلما شعر أحدهم بالاختناق من تصرفات المجتمع -التي يراها فاسدة- يقوم بتكسير عود، بحيث لا يزيد على أربعة أعواد في الشهر، كما تقوم هذه المؤسسة بتنظيم فعاليات دورية تحت شعار "حطم عودا ولا تحطمنا"، ويتم تصويرها ونشرها، ودعوة الشركات لرعاية هذه الفعاليات المباركة.