أعلن محمد خليل وزير الشؤون الدينية في تونس إطلاق حملة وطنية لمقاومة الإرهاب لمدة سنة كاملة تبدأ يوم 20 مارس (آذار) الحالي وتتواصل إلى غاية يوم 20 مارس من السنة المقبلة، وذلك تحت شعار «غدوة خير»، وأعلن أن الوزارة ستنطلق في مكافحة الفكر المتطرف من خلال الانفتاح على كل المقترحات ومعالجة كل المجالات الثقافية والفنية والتربوية، ودعا جميع الأطراف السياسية إلى وجوب التصدي لظاهرة الإرهاب عبر تحصين كل المساجد من الاختراقات ومن الفكر الذي لا ينتمي إلى تونس وتاريخها ومنهجها، على حد تعبيره. وقال خليل في مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة التونسية إن الحملة ضد آفة الإرهاب ستتواصل لمدة سنة كاملة وستشمل مختلف المساجد والجوامع بكامل التراب التونسي، وستعمل وزارة الشؤون الدينية عبر إطاراتها وكفاءاتها الدينية على تحصين الشباب التونسي ضد الأفكار المتطرفة، كما ستركز الحملة برامجها على إعادة رسكلة وتكوين الأئمة والخطباء والوعاظ، وستوجه قسطا هاما من تدخلاتها إلى المؤسسات الجامعية المختصة في العلوم الشريعة وستعمل بالتوازي مع أنشطة ثقافية تؤسس لشعار «يد واحدة ضد الإرهاب». وأكد المصدر ذاته وجود مساجد خارجة السيطرة بصفة جزئية إضافة إلى أخرى غير حاصلة على الترخيص القانوني لمزاولة النشاط. وأوضح أن الحديث عن مساجد خارج السيطرة لا يعني ارتباطها المباشر بالجانب الأمني فحسب. وقال خليل إن الوزارة دعت عددا من الأئمة المتشددين إلى الانضباط والابتعاد عن بث الحقد والكراهية بين الشباب التونسي، وأكد أن التعنت قد يعرضهم لإجراءات قانونية وإدارية. وضمن استراتيجية وزارة الشؤون الدينية لمكافحة الإرهاب، أعلن محمد خليل عن انطلاق أول قناة دينية عمومية تمولها الدولة هدفها الأساسي المساعدة على مكافحة الأفكار المتطرفة ودعم استراتيجية الدولة التونسية في مكافحة الإرهاب. وفي هذا الشأن قال وزير الشؤون الدينية إن القناة الدينية الجديدة ترجع بالنظر إلى مؤسسة التلفزة التونسية التي تتبعها قناة الوطنية الأولى والوطنية الثانية وستقوم على برمجة توعية دينية ذات أبعاد مبنية على الاعتدال والوسطية، وقد حظيت الفكرة بموافقة الحبيب الصيد رئيس الحكومة. وأضاف أن فكرة بعث قناة دينية عمومية ترجع إلى فترة طويلة ماضية وأكدت على أهميتها الأحداث الإرهابية الأخيرة وظهور أرقام مفزعة للشباب التونسي الملتحق بالجماعات الإرهابية، خصوصا خارج تونس. وأكد أن الوزارة تعمل من خلال مختلف برامجها بما فيها هذه القناة التلفزية على حماية الشباب التونسي من الأفكار المتطرّفة من خلال سلسلة من اللقاءات في المساجد والجامعات والفضاءات العامة. وبشان ما ستبثه هذه القناة الدينية، قال خليل إن ثلة من أساتذة جامعة الزيتونة (جامعة للتعليم العالي الديني) سيقدمون محاضرات ويفتحون نقاشات وحوارات مع الشباب التونسي ويجيبون عن مختلف تساؤلاتهم. ونفى محمد خليل أن تكون عملية تدشين هذه القناة بمثابة اعتراف من الدولة بفشل خطابها الديني الموجه إلى الأجيال الشبابية في تونس، وأشار في المقابل إلى عمق التغييرات الإقليمية التي عرفتها المنطقة واختلاف نظرة الشباب نحو المسائل الدينية. وكانت رئاسة الحكومة في عهد الترويكا بزعامة حركة النهضة قد اقترحت بعث عدة قنوات تلفزية تونسية في المجال الديني والرياضي والتعليمي، غير أن كثرة الملفات الاجتماعية والاقتصادية وتراكم المطالب جعلتها تؤجل النظر في هذا الملف. واتهمت حركة النهضة في وقت سابق كبار المسؤولين في عهد الرئيسين التونسيين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي بتجفيف المنابع الدينية السليمة وتضييق الخناق على أتباع التيارات الإسلامية ومنع الحجاب والزج بالشباب التونسي في لمجرد الشبهة بالانخراط في أحزاب إسلامية، وهو ما خلف على حد تعبير قيادات حركة النهضة «صحراء قاحلة أنتجت أفكارا متطرفة تترجمها أفواج الشباب التونسي الملتحق ببؤر التوتر». وسيطرت الجماعات المتطرفة على معظم المساجد والجوامع التي كانت تحت سيطرة وزارة الشؤون الدينية وجعلت المنابر تصدح بأفكار داعمة للتطرف وتحض على حمل السلاح في وجه الدولة ممثلة في أجهزة الأمن وعناصر المؤسسة العسكرية. وعملت الوزارة باعتبارها السلطة الرسمية على استعادة معظم تلك المساجد وعينت لإمامتها إطارات دينية يرجعون لها بالنظر. وعملت على عزل عدد من الأئمة وإغلاق مجموعة من المساجد بمبرر غياب الترخيص القانوني للنشاط، وهو ما فجر جدلاً واسعًا حول مشروعية اتخاذ مثل تلك القرارات.