لم يكن يتوقع المدرب صاحب الدورة المعلن عنها بعنوان لافت (هل المرأة إنسان ! ) أنه سيتلقى كما من التساؤلات والانتقادات المتهكمة التي استفزها العنوان فلم تغفر للمدرب المقصد الذي رمى إليه من وراء هذا العنوان الغريب بلفت الانتباه إلى ما تعانيه المرأة في المجتمع من إساءة ! لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل تم الإعلان عن الدورة بهذا المسمى دون الرجوع لمركز التدريب ؟! وإن كان الجواب يشير إلى أن المركز التدريبي هو من أعطى الضوء الأخضر للمدرب بقبول هذا العنوان بحجة الجذب فهذه مشكلة أخرى تتمثل في دور بعض مراكز التدريب وإشرافها الغائب عن واقع المجتمع الذي لم يعد يتقبل ثقافة الاستهلاك الدعائية ، ولا يخفى على أحد أهمية تواجد مراكز التدريب في تثقيف الفرد و تحسين مهنيته من خلال تزويده بدورات تصقل ذاته كما هو معمول به عالميا . انتشرت في الآونة الأخيرة بكثافة هذه المراكز واستقطبت المدربين أصحاب الفكر والقادرين على الإثراء المعرفي وغيرهم من الراغبين في استعراض أنفسهم .. تنامي حضور أفراد المجتمع لهذه الدورات يعكس وعيا اجتماعيا مهما في الحرص المتمثل بأهمية تطوير الذات والإلمام بالمعارف اللازمة في الحياة ، ولا معنى حقيقة للادعاء بأن حضور الدورة من المركز المحلي الفلاني ستمنح في هذه الأثناء شهادة من مركز أجنبي في الخارج ! ما هو التصور الذهني الذي يراد تمريره بهذا الإجراء ؟! أذكر أن بعض الحاصلين على رخصة التدريب يستعرضون هذا الفهم أمام الحضور حيث يبدأ المدرب بسرد الخبرات المهنية والشهادات التي حصل عليها مضمنا إياها شهادات دورات من مراكز دولية صورية ! يتم تمرير هذا الادعاء على بعض الثقافات السطحية الحاضرة التي تبدي انبهارها فعلا فالمدرب أمامها مرموق بما يسرد من سيرة ذاتية مختومة أجنبيا بمؤهلات متوهمة ! لا أخفيكم شعور في داخلي كان يتهكم على موقف حصل لي منذ سنوات حين رغبت في الحصول على دورة في مهارات التفكير من مركز تدريبي خاص ، حين قالوا لي في أثناء التسجيل ستحصلين أيضا على شهادة أخرى من مركز معتمد خارج البلد ( يتم التنسيق معه وعقد الاتفاقية ! ) من المفارقات المضحكة فعلا حين قدمت أوراقي في إحدى ترشيحات العمل ومن ضمنها دورة المركز الآنفة الذكر حين قالت لي مسؤولة الترشيح يكتفى بدورة واحدة فلا معنى حقيقة للتكرار المزعوم من قبل المركز التدريبي بمنح شهادتي حضور اثنتين في وقت واحد ! حضرت ذات مرة مدربة من مركز التدريب الحكومي وحين عرفت بنفسها لم يغب عنها الإشارة إلى الدورات التي حصلت عليها من مراكز دولية ، زميلتي التي بجانبي كانت منبهرة وأبدت إعجابها بالخبرات الأجنبية التي تعرضها المدربة ، لم أرغب بالتشكيك حينها ، لكن كانت القناعات عندي تترسخ والتساؤل يلح إلى متى هذ التضليل في إعطاء الآخرين انطباعا مغايرا للواقع الشخصي لنا ! هل يعي هؤلاء خطأ المبالغة في رسم إطار مزخرف جدا لذواتهم ! الحقيقة التي أود ذكرها أن الثقة في بعض مراكز التدريب ومن يعمل بها يجب أن تتحسن وأن يتفهم العاملون في هذه المراكز أنهم يخاطبون شخصيات مختلفة يتباين عندها الفهم و الرؤية ومن الخطأ فعلا السقوط في فخ الدعاية الوهمية للذات ! على مراكز التدريب تقع مسؤولية تفعيل دورات نافعة و مثرية للفرد والمجتمع ، لا تستفز الفكر و تتسبب في لغط غير مقبول . يفترض ويؤمل من هذه الجهات التثقيف والتطوير دائما لكفاءاتها أولا وللمجتمع ثانيا ! والذي نطمح إليه تقليل هذا اللغط الحاصل تجاه بعض مراكز التدريب ومن يعمل فيها ، لم لا توجد رقابة من قبل المؤسسة العامة للتدريب المهني عما ينفذ من دورات ، ولم لا يتم حجب أي إعلان لا يحصل على ترخيص سواء للمدرب أو للمركز؟ ، أعتقد أن وجود أكاديمية ذات غطاء حكومي تشرف على المدربين وتؤهلهم ولها كل الصلاحيات بات مطلبا ضروريا في ضبط معايير أداء لهذه المراكز وتصنيفها وفق منجزاتها محليا . فالواقع الحالي يسمح بحدوث استثارات أخرى غير مسؤولة في ظل ترك المجال مفتوحا لكل من يرغب!.