كيف لدولة أن تجمع حلفاً لإعادة الشرعية في دولة جارة على حدودها الجنوبية، وأن تشكل آخر لمكافحة الإرهاب، وأن تنظم مناورات عسكرية هي الأضخم في المنطقة خلال أقل من عام؟ كيف لها أن تدعم الاستقرار في دول الجوار، وتساند الشعب السوري في الصمود أمام جبروت نظام الأسد وحلفائه، أن تحافظ على عجلة الاقتصاد العالمي من خلال الحد من تدهور أسعار النفط، وأن تعيد للقرار العربي هيبته ومبادرته للوقوف في وجه التدخلات الخارجية؟ تبدو هذه الاستفهامات في غير مكانها عندما نتحدث عن الوطن الذي نزداد به فخراً وعزة مع كل موقف وأزمة تكشف معدن هذا الكيان العظيم وقدرته على مواجهة التحديات والاستعداد الكامل لأي معركة كما شهدنا في مناورات (رعد الشمال). فتحت رعاية خادم الحرمين، وتحت راية التوحيد اجتمعت عشرون دولة عربية وإسلامية بأفضل ما لديها من قوات النخبة والمعدات العسكرية المتطورة، تلبية لدعوة المملكة ولقائدها سلمان الحزم. على يمينه في المنصة – يحفظه الله - الملك حمد وعلى يساره الملك عبدالله الثاني وبجانبه الأمير تميم والشيخ محمد بن زايد، ونواز شريف والرئيس البشير، وقبلهم بيوم الرئيس السيسي، والشيخ صباح الأحمد والشيخ محمد بن راشد وغيرهم من القادة والزعماء الذين حرصوا على حضور التمارين الختامية والعرض العسكري في رسالة سياسية واضحة تجاوز صداها أصوات المدافع وأزيز الطائرات التي أرعبت الأعداء وأدخلت الطمأنينة في قلوب الأصدقاء والحلفاء مصداقاً لقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ). في الأخير.. لا بد من الإشادة بالدور الكبير الذي لعبه سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في الإشراف على تنظيم هذه المناورات وضمان نجاحها على الرغم من حجم وتنوع القوات المشاركة والعتاد العسكري المستخدم، وقصر المدة المخصصة لإعداد وتنفيذ هذه التمارين، ويحق لنا أن نفخر بهذا الأمير الشاب الذي استمد حكمته من الملك المفدى ليكون على مستوى ثقة القيادة ويمثل إلى جانب سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف حزم وعزم الملك سلمان.