شن الجيش اللبناني أمس، هجومًا مباغتًا على مواقع لتنظيم داعش في جرود رأس بعلبك الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، تمكنت خلالها وحدات الجيش من السيطرة على موقع معزز للتنظيم، قبل أن تدمره وتعود إلى مواقعها، وأسفر عن مقتل جندي لبناني وجرح آخرين، ومقتل 8 أشخاص على الأقل في صفوف مقاتلي التنظيم المتشدد. وقال مصدر ميداني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن العملية التي نفذها الجيش «هي إغارة على مركز متقدمة لتنظيم داعش» في جرد رأس بعلبك، مشيرًا إلى أن التنظيم «كان بدأ قبل أيام بتحصين وتعزيز وتدشيم موقع متقدم له، وهو ما دفع بالجيش لشن عملية نوعية، أسفرت عن السيطرة على الموقع ونسفه، قبل العودة إلى مواقعه». وقال المصدر إن عملية الجيش «بدت استباقية، لأن تحصين الموقع وتعزيزه، يثير شبهات حول نية التنظيم الذي قام بمحاولات في مرات سابقة للتقدم باتجاه مواقع الجيش في المنطقة، أو كان يستعد لمهاجمتها»، فضلاً عن أن موقع «داعش» الأخير «يقع في تلال مقابلة لمواقع الجيش اللبناني». واندلعت اشتباكات، فجر أمس، بين مقاتلي التنظيم والجيش اللبناني في مرتفعات «خلف» في جرود رأس بعلبك وإلى الشمال من عرسال، فيما تحدثت معلومات عن أن العملية نفذت على مرتفع 64 في جرود رأس بعلبك، وشاركت فيها مروحيات تابعة لسلاح الجو اللبناني. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية باشتباكات عنيفة سجلت ليلاً بين الجيش ومسلحي «داعش» بعد هجوم شنه الجيش على مرتفعات «خلف» في جرود رأس بعلبك، حيث يوجد مركز قيادة محصن ومحكم، وقد تمكن الجيش من تنظيف المركز والعودة إلى مراكزه، مشيرة إلى أن هدوءًا حذرًا سيطر منذ الصباح على المنطقة، تخللته رمايات رشاشة وصاروخية بين الحين والآخر. وفيما أعلنت الوكالة مقتل 8 مقاتلين من تنظيم داعش، نعت قيادة الجيش اللبناني الجندي محمد حسام السيد السبسبي، الذي «(استشهد) خلال العملية الهجومية التي نفذتها قوة من الجيش ضد إحدى المجموعات الإرهابية في منطقة جرود رأس بعلبك»، كما جاء في بيان صادر عن قيادة الجيش. وجاءت العملية بعد سلسلة طويلة من عمليات القصف التي ينفذها الجيش اللبناني في المواقع الحدودية المتقدمة في التلال الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، وتستهدف تحركات مسلحين متشددين يسيطرون على المنطقة. وقال مصدر سوري معارض في القلمون الغربي لـ«الشرق الأوسط» إن القصف الذي يستهدف تحركات «داعش» في المنطقة «قلل من فرص داعش لتنظيم صفوفه وشن عمليات واسعة ضد مواقع الجيش اللبناني»، مشيرًا إلى أن «القوة الهجومية لدى التنظيم تضاءلت إلى حد ما». وأوضح المصدر أن المعارك التي يخوضها «داعش» منذ صيف 2014 في المنطقة «قلصت قدرته الهجومية وتعداده»، في مقابل «اتساع رقعة سيطرة الجيش اللبناني على التلال الحدودية الاستراتيجية، والقصف المستمر الذي ينفذه»، مستهدفًا تحركات المسلحين المتشددين في الجرود. وأكد المصدر أن تلك الإجراءات «منعت تنظيم داعش من تشكيل قوة هجومية تسمح له بالانتشار على عدد كبير من التلال الاستراتيجية التي يحتاجها لتأمين تغطية نارية لأي هجوم ينوي القيام به». وتقع رأس بعلبك شمال عرسال، التي شهدت في أغسطس (آب) 2014 اشتباكات بين الجيش اللبناني ومسلحين تابعين لجبهة النصرة وتنظيم «داعش» قدموا من سوريا استمرت أيامًا وانتهت بإخراج المسلحين منها. ويوجد هؤلاء حاليًا في الجرود القريبة منها والمعروفة بجرود عرسال.