ما بذل في رالي حائل من جهود على مدى الـ10 سنوات الماضية أمر جدير بالاحترام، لكنها ربما لن تكون كافية لاستمرار الحدث لـ10 سنوات قادمة، وهنا نقطة الارتكاز للتحدي ما زلت أتذكر الانطلاقة الأولى لرالي حائل الدولي قبل 10 سنوات، والذي أصبح مرحلة مهمة في سباق الراليات الدولية، وقد بذل الأمير سعود بن عبدالمحسن، أمير منطقة حائل، جهودا بارزة في سبيل التأسيس للرالي واستمراره بطابعه الدولي حتى أكمل اليوم عقدا من الزمن، أضاف للمنطقة حدثا موسميا يعدّ أحد المكتسبات المهمة ليس لمنطقة حائل فحسب بل للمملكة بشكل عام، فالمهتمون بهذا الحدث وفعالياته يفدون إلى مدينة حائل من جميع مناطق المملكة، كما يفد الأشقاء من دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة، ومما يلحظ على رالي حائل الدولي بنسخته العاشرة استمرار وجود 3 عناصر مرتبطة ببعضها، ومرتبطة بهذه المناسبة تحديدا، وهي: الاقتصاد، والترفيه، والسياحة. فعلى الرغم من أن مدينة حائل من المدن السعودية متوسطة الحجم على مستوى العمران، إلا أن مؤشرها التنموي خلال العقود الماضية لا يعدّ مواكبا ومتسقا مع حجم مساحتها وزيادتها السكانية السريعة، وكان انطلاق الرالي في عامه الأول حدثا غير عادي بالنسبة للمنطقة، على الرغم من أن مدينة حائل في ذلك الوقت لم تكن على مستوى الحدث، خاصة على صعيد الفندقة والإيواء، وما زال بعض زوار هذه المنطقة خلال هذه المناسبة التي تتوافق هذا العام مع إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني، ما زالوا يلحظون الندرة في هذا الجانب الخدمي الذي يحتاج إلى جذب استثماري أكبر، ليغطي حاجة المدينة في هذه المناسبة وفي غيرها، وهو الأمر الذي تبنته وزارة التعليم خلال صندوق التعليم الجامعي، وجامعة حائل بمشروع إنشاء فندق جديد في المدينة الجامعية تم افتتاحه برعاية أمير منطقة حائل أمس. وعلى الرغم من الأثر الاقتصادي لتعثر إنشاء مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية لـ8 سنوات، بعد إعلان الشركتين المطورتين للمدينة إيقاف العمل في المشروع، تمت إعادة هيكلة المشروع خلال دراسة قامت بها "هيئة المدن الاقتصادية السعودية" أفادت بأن التطوير المقترح للمدينة الاقتصادية سيكون على مدى نصف قرن ضمن 5 مراحل، ثم تواردت أنباء عن تكليف "الهيئة الملكية للجبيل وينبع" بالإشراف على المدينة الاقتصادية. وفي ظل هذا التعثر والسنوات الطويلة المنتظرة لاكتمال المشروع، يفترض أن ينصبّ التركيز على رالي حائل الدولي كرافد اقتصادي وسياحي وترفيهي لأهالي المنطقة وزوارها. صحيح أن ولادة هذا الحدث كانت تحديا، واستمراره يعدّ تحديا أيضا نجحت المنطقة فيهما بقيادة أميرها، غير أن التحدي الأصعب اليوم هو الاستمرار في التطوير لرالي حائل الدولي، على الرغم من أن حلم المواطن في حائل لن يتوقف عند ذلك، بل يتجاوزه إلى حلم تطوير المنطقة وخدماتها بشكل عام، لا سيما في مجال الخدمات التي تمس المواطن بشكل مباشر على مستوى الطرق والنقل، والخدمات الصحية، وكذلك الأمر على مستوى جذب الاستثمارات في خدمات الإيواء والتسوق والسياحة، في ظل وجود "الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل" التي يفترض أن لديها خططا تطويرية للمنطقة، والتي يشير إيجادها إلى اهتمام القيادة السياسية في بلادنا بتطوير هذه المنطقة على كل الأصعدة. إن مناسبة رالي حائل الدولي ليست مجرد سباق للسيارات، وما بذل فيه من جهود على مدى السنوات العشر الماضية أمر جدير بالاحترام، لكنها ربما لن تكون جهودا كافية لاستمرار هذا الحدث لـ10 سنوات أخرى قادمة، وهنا نقطة الارتكاز للتحدي؛ ولذلك تبقى مسألة دمج مثل هذه المناسبات في إستراتيجية "التحول الاقتصادي" الذي يهدف إلى زيادة رفاهية المواطن، ومضاعفة قدرات الاقتصاد الوطني في مختلف جوانبه في إطار الإصلاح الاقتصادي. ربما يكون هذا الأمر جديرا بالتفكير لتكون مشاريعنا السياحية ذات البعد الاقتصادي أكثر ديمومة، ولأجل ألا نصل فيها ومعها إلى مرحلة التشبع الاقتصادي والاجتماعي، لا بد أن تتزامن هذه الجهود مع وجود فعاليات اقتصادية أكبر يمكن الإفادة منها على المستوى الوطني.