في أبريل 2004 كان بورتو جوزيه مورينيو على وشك صناعة التاريخ بالتتويج بثاني نهائي أوروبي متتالي. قبلها بعام كان فاز بكأس الاتحاد الأوروبي ولم يكن يفصله عن نهائي دوري الأبطال سوى ديبورتيفو لاكورونيا. حينها فقط بدأ المدرب البرتغالي في تلقي أنباء بخصوص اهتمام تشيلسي الإنجليزي بالتعاقد معه. - العنصر الرابع: لم يكن لدى مورينيو آنذاك أي ممثل. وأمامه ظهر ثلاثة وكلاء قالوا له إن تشيلسي الإنجليزي مهتم. بعدها ظهر ذلك الرابع الذي أكد لمورينيو قدرته على أن يكون حلقة الوصل بينه والـبلوز. يقص مورينيو بنفسه الأمر قائلا: كان ذلك الوكيل الرابع هو جورجى مينديش، عامة أخبرتهم الأربعة بنفس الشيء: الوكيل الذي يرغب في أن يمثلني في تلك العملية الافتراضية عليه جلب أبراموفيتش إلي أو ترتيب اجتماع بيننا. اهتم ناديان غير تشيلسي بخدمات مورينيو. ولكن فكرة تدريب النادي اللندني كانت الأكثر إغراء. لذا كان يرغب في وجود دليل ملموس من أي من المرشحين الأربعة لتمثيله على وجود هذا الاهتمام. يضيف مورينيو تشيلسي كان أكثر الأندية اثارة للاهتمام بالنسبة لي بسبب اللحظة التي كان يمر بها مشروعه، أبراموفيتش كان استحوذ على النادي قبلها بسنوات وكنت أعرف أنه ينوي الاستثمار وكنت أرغب في أن تعيش عائلتي بلندن. مرت أيام قليلة واتصل جورجي مينديش بمورينيو ليقول له: أبراموفيتش في البرتغال ويرغب في رؤيتك. في ذلك اليوم كان مورينيو يقود مرانا صباحيا لبورتو، وبعد نهاية الحصة التدريبية وجد سيارة تنتظره أمام النادي. - الاجتماع السري: يتابع مورينيو انطلقت السيارة نحو مكان في شمال البرتغال، لأنه على ما يبدو فإن ابراموفيتش كان قادما في طائرة خاصة نحو مطار إسباني بالقرب من مدينة فيجو في اقليم لاكورونيا. توقفت السيارة التي كانت تقل مورينيو في أبوليا، وهي ضيعة في شمال البرتغال يعمل أغلب سكانها كصيادين، تلك المهنة التي تتشابه مع ما يفعله كل من جوزيه ومينديش في اصطياد الفرص. هناك جرى الاجتماع السري، تحديدا في مطعم (كاميلو) للمأكولات البحرية بعد أن كان تم حجزه بالكامل لعقد هذا اللقاء. يضيف مورينيو شرحت لهم طموحاتي والسبب الذي كنت أرغب بسببه في الرحيل. لم يكن ابراموفيتش وحده. كان هناك أيضا بيتر كينيون ومحامي تشيلسي. كل المسؤولين عن إبرام الصفقة كانوا هناك. جورجى أثبت لي أنه لم يكن كاذبا. يكمل المدرب البرتغالي أثناء الاجتماع فوجئت بهاتفي يرن، كان أحد الوكلاء الثلاثة ووجدته يقول لي (حاليا أنا مع ابراموفيتش في باريس وأعمل على حل الأمور. انتظرني بعض الوقت)، هذا في الوقت الذي كان فيه الروسي يجلس أمامي!. بشكل عام فإن مورينيو لا يجعل مينديش يعمل كثيرا، ذلك لأن الفترات التي يقضيها داخل الأندية التي يدربها تكون معقولة نسبيا، حيث يقول المدرب تقريبا بقيت ثلاث سنوات في كل ناد. لذا فإنه في اللحظة التي أوقع فيها على عقد عمل هي التي يكون فيها مينديش وكيلي من أجل التأكد من كل التفاصيل القانونية وتلك الخاصة بالضرائب والتفاوض. - خراء!: يكذب مورينيو كل ما يقال بخصوص أنه ومينديش يتقاسمان نسب من الصفقات التي تجريها الأندية التي يدربها مع لاعبين يمثلهم جورجى. يعلق على هذا بقوله: هذا هو الشيء الوحيد الذي لا يمكنني قبوله واذا ما قالها أحد في وجهي وبشكل مباشر فبكل تأكيد سينتهي الأمر أمام المحاكم، أن يأتي أمثال فالدانو المنتشرين في هذه الحياة ويقولون أنني سيء أو قطعة من الخراء وأنني لم أقدم شيء للكرة، فهذا الأمر لا يهمني، أما مثل هذه الاتهامات لو سمعتها بصورة مباشرة فالنهاية ستكون في المحكمة. يتابع المدرب البرتغالي مينديش يسعى وراء استقرار لاعبيه، إنه ليس ذلك النوع من الوكلاء الذي يحفز رجاله للخروج على النص دون داع، لاعبوه يتحركون بين الأندية بناء على عروض، إنه يسعى دائما وراء الموازنة بين مصلحة الأندية واللاعبين. ويردف دعني أقول لك هناك وكلاء بعدما يبرمون صفقة بيع لاعبيهم ولكن هؤلاء لا يتأقلمون، يقولون للنادي حينما يرغب في بيعهم (هناك عقد والتزم به) أو يأتون بعروض هزيلة، ولكن هذا ليس مينديش. هو لديه شيء أشبه بالتزام أخلاقي مع النادي. انظر مثلا لحالة دي ماريا أو كوستا وغيره. - الكلمة الأخيرة: يؤكد مورينيو أيضا أنه دائما ما يكون صاحب الكلمة الأخيرة في قراره ولكن هذا لا يمنع مينديش من عرض أي شيء عليه لذا يضيف أنا في عالم كرة القدم منذ حوالي 30 عاما. وبكل تأكيد القرار هو قراري ولكن هذا لا يمنع مينديش من اطلاعي على كل شيء. وأفصح مورينيو تخيل مثلا أن ناديا بالدرجة الثالثة تقدم بعرض لي فما الذي سيفعله مينديش؟ لن يتجاهله وسيجلبه لي. نفس الأمر ينطبق على أشياء مجنونة مثل عروض من روسيا أو قطر أو أندية عربية، تلك الأماكن التي يعرف أبدا أنني لن أذهب اليها، ولكنه يخبرني بكل شيء. يتابع البرتغالي سأقولك لك شيئا: لم أقل له أبدا (أنا أرغب في تدريب انتر)، قلت له (سأحب التدريب في إيطاليا).. ريال مدريد حاول التعاقد معي مرتين ولم ينجح سوى في الثالثة، لأنني لم أكن أشعر في تلك المرتين أن هذه هي اللحظة المناسبة وهو تفهم هذا الأمر جيدا، بمعنى أخر إنه ينتظر الاشارة وينفذ رغبتي بكل احترام ومهنية بعد ذلك. - اليخت وأسماك القرش: قصص مورينيو ومينديش لا تنتهي. جمعتهما الكثير من المواقف والحكايات، ولكن من أطرفها ذلك الاجتماع الذي التقيا فيه بابراموفيتش على متن يخت وسط البحر لتحديد أخر النقاط في عقد تدريبه لتشيلسي لأول مرة. أمام سواحل موناكو، كان يبحر يخت ابراموفيتش، الذي يعد ثاني أكبر يخت من نوعه في العالم على متنه كان يتواجد الملياردير الروسي ومينديش ومورينيو للاتفاق بخصوص التفاصيل الأخيرة قبل التوقيع يقص المدرب البرتغالي بنفسه ما حدث قائلا: أثناء اللقاء تلقى مينديش اتصالا وخرج بعض الوقت خارج القاعة ثم طلب مني أن أستأذن وألاقيه لأجده يقول لي (انتر لا يتوقف عن الاتصال بي وهو مستعد لدفع مبلغ أكثر، ولكن من الأفضل أن تبقى هنا)، فوجدت نفسي أرد عليه (ما رأيك في أن نسبح ونعود، المسافة ليست بعيدة، أليس كذلك؟). يضحك مورينيو وهو يكمل رواية تلك الواقعة محركا ذراعيه كما لو كان يسبح قلت له إن ما أرغب فيه الآن هو إنجلترا ولا أرغب في شيء غير هذا الآن، وأنا سعيد لأن بعد قراري جلبت لتشيلسي بطولات، ولكن تخيل لو كان حدث العكس: نقفز في وسط البحر ونسبح ثم أقول لجورجي (احترس من القروش.. احترس من القروش). لم يكن هناك حاجة للقفز من اليخت فعلا، ففي النهاية بعد حقبة مورينيو الأولى في تشيلسي اتجه لإنتر الإيطالي. تلك الحقبة التي يعتز بها مورينيو كثيرا حيث يقول كان أكثر مكان عاطفي بالنسبة لي، المجموعة والجمهور والرئيس وعائلة انتر، كانت حالة من الشغف الكامل وتحقيق تلك الانتصارات معهم كان أمرا قويا. - كواليس التوقع لريال مدريد: بعد إنتر، جاءت حقبة ريال مدريد التي تقول بعض وسائل الاعلام بخصوصها أن مورينيو كان وقع لريال مدريد قبل فترة من نهائي دوري الأبطال الذي احتضنه ملعب سانتياجو برنابيو، فهل هذا حقيقي؟ وكيف سارت هذه المفاوضات؟ مرة أخرى يكشف مورينيو الحقيقة حيث يقول أنه لم يوقع على أي شيء مع ريال مدريد سوى بعد النهائي الذي احتضنه ملعب سانتياجو برنابيو، ولكنه لا ينكر حدوث اجتماع قبلها حيث حمل ذلك اللقاء الكثير من التفاصيل المثيرة. يقول مورينيو أول اتصال بيني وريال مدريد بعد أن أبلغني مينديش بالأمر كان في منزل أمتلكه بالبرتغال. ذهبنا في هناك في إحدى العطلات الأسبوعية. هذا المنزل يقع بين الجبال وسط اللامكان. ويستحيل وصول الصحفيين له لأنه يقع ضمن قطعة أرض خاصة أمتلكها. كان المدرب البرتغالي يجلس هادئا في منزله حينما بدأت السيارات التي تقل ممثلي ريال مدريد في الوصول خلف سيارة مينديش. يقول مورينيو سألتهم حينما وصلوا أين خورخى فالدانو؟ فقال لي أحدهم (إنه ليس هنا لأنه لا علاقة له بالأمر ولا يعرف شيئا عنه). قالوا لي (إنه مجرد رمز اجتماعي واعلامي ولكن لا دور له في القرارات الهامة. أنت من نرغب فيه ونحن نسعى خلفك وهو ليس في حاجة لمعرفة أي شيء الآن). مر الاجتماع وأعطى مورينيو كلمته لممثلي ريال مدريد بحضور مينديش بأنه منذ بداية الموسم المقبل سيكون معهم، ولكنه لن يوقع على شيء قبل نهائي دوري الأبطال. يقص المدرب البرتغالي حكاية أخرى لم تكن معروفة من قبل بخصوص الموضوع في الليلة التي تسبق النهائي، فوجئت بأحدهم يطرق غرفتي في الفندق. كان أحد رجال ريال مدريد الذي لا أعرفهم وقال لي (وقع على هذا لأن فلورنتينو بيريز يخشى أن تتراجع في كلمتك بعد النهائي)، فلم يكن مني إلا وأن أجبته (إلى الخارج واتركني أتوج قبل ذلك بدوري الأبطال. كلمتي هي كلمتي!). يضيف مورينيو حينما انتهى النهائي، وقعت في نفس الليلة. كنت ذهبت لتناول العشاء مع عائلتي وقلت لفلورنتينو أنه سيكون مرحبا به اذا ما رغب الحضور، ولكنه رفض بأدب وقال لي أن أستمتع مع أحبائي.