يؤكد سياسيون ومستثمرون جزائريون أن عزم حكومة بلادهم استرجاع الأراضي الممنوحة للمستثمرين في إطار عقود الامتياز، والتي لم تستغل حتى الآن، خطوة جاءت متأخرة جدا، كون العقار الصناعي يعد من أهم المشاكل التي تواجه المستثمرين بهذا البلد. ورغم أن بعض الإحصائيات تشير إلى أن الجزائر تمتلك أكثر من ثمانية ملايين متر مربع من العقار الصناعي، والذي يمنح بسعر زهيد للمستثمرين كتحفيز لهم، فإن عملية توزيع قطع الأراضي المقامة بأماكن يطلق عليها"المناطق الصناعية" على مستوى المحافظات تشوبها العديد من المساوئ، يرتبط أغلبها بالمحاباة والنفوذ. يوسف خبابة شكك بمدى قدرة الحكومة على الوفاءبوعودها (الجزيرة نت) ويعاني المستثمرون اليوم من مشاكل كبيرة في سبيل الحصول على أراضي لتجسيد مختلف مشاريعهم الاستثمارية، في حين هناك نحو 60% من الأراضي منحت لمستثمرين لم يسجلوا بعد مشاريعهم رغم مرور أكثر من 15 عاما على حصولهم على عقود استغلالها. وتطبيقا لتعليمات أصدرها الوزير الأول عبد المالك سلال، أكد وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب الأربعاء الماضي أن "الحكومة عازمة على استرجاع الأراضي المسلمة لمستثمرين لم يقوموا بإنجاز مشاريعهم وتمنح لآخرين". وقال إنه "من غير المعقول أن تترك هذه العقارات غير مستغلة لمدة 15 عاما، في وقت يعاني فيه الكثير من المستثمرين من أزمة العقار" التي أكد أنه سيتم احتواؤها خلال الستة شهور القادمة. خطوة متأخرة وكان سلال أبرق لولاة الجمهورية (المحافظين) بتعليمات يطالبهم فيها بجرد المساحات العقارية غير المستغلة، وأعلن عن إنجاز 18 منطقة صناعية جديدة خلال الربع الأول من العام الجاري على مساحة خمسة آلاف هكتار، تضاف إلى 31 منطقة على مساحة ثمانية آلاف هكتار أنجزت خلال الأعوام السابقة. وتفرض موازنة 2016 ضرائب جديدة تصل إلى 3% من القيمة الحقيقية للجيوب العقارية غير المستغلة، وذلكلدفع أصحابها إلى التخلي عنها. وتأتي هذه الجهود من طرف الحكومة في محاولة منها لتذليل العقبات أمام المستثمرين، وخلق تنافسية وتنويع بالاقتصاد الذي يعاني بسبب تراجع إيرادات النفط خلال العام 2015. وتعتقد رئيسة جمعية المسيرات الجزائرية وسيدات الأعمال أن مساعي الحكومة لاسترجاع العقاري الصناعي جاءت متأخرة جدا، فلا يعقل برأيها أن "يبقى مستثمرون يمتلكون مشاريع جادة في معاناة كبيرة مع أزمة العقار، في حين يتحصل مستثمرون وهميون على عشرات الهكتارات دون استغلالها". ورحبت خديجة بلهادي بقرار الحكومة استرجاع الأراضي غير المستغلة، وإنشاء مناطق صناعية جديدة، لكنها تعتقد أن الأهم في الموضوع هو ضرورة وضع دفتر شروط صارم يتضمن تحديد جدول زمني يلزم أي مستثمر بإنجاز مشروعه وفي المدة الزمنية المتفق عليها، وهذا بهدف القضاء على الشركات والمصانع الوهمية. استهلاك إعلامي بالمقابل، شكك عضو لجنة المالية بالبرلمان يوسف خبابة بمدى قدرة الحكومة على الوفاء بوعودها، واعتبر أن حديث الوزير عن استرجاع الأراضي المستغلة في غضون ستة شهور موجه للاستهلاك الإعلامي لا غير، لأن الحكومة نفسها -برأيه- هي التي خلقت هذه المشكلة. عائشة بلهادي: مساعي الحكومة لاسترجاع العقاري الصناعي جاءت متأخرة جدا (الجزيرة نت) ويقول خبابة إن الدليل على ما سبق هو "وجود محاولات من رجال أعمال لتمرير مادة في موازنة 2016 يمكّن المستفيدين من أراضي غير مستغلة بعقود الامتياز -عقود تمكن المستثمر من استغلال الأرض دون بيعها- على الحصول على عقود ملكية تمكنهم من بيع تلك الأراضي بأسعار خيالية". وأوضح بأن ملف العقار الصناعي مثله مثل العقار الفلاحي تغيب عنه الشفافية وتطبع عملية توزيعه مظاهر المحسوبية والوساطة والرشوة، والسبب في ذلك يبرز "عدم وجود آليات رقابة، وعدم وجود بنك معلومات يحصي بدقة الأراضي الموجودة فعلا". ويتابع أن "الحكومة في حد ذاتها لا تملك وسائل التأكد من احتوائها لأزمة العقار، لأنها لا تملك وسائل تحقيق ذلك". وشدد عضو لجنة المالية على أن "الأمر لا يتعلق فقط بمشكل التسيير والوفرة، رغم أن بعض المناطق الصناعية لم يستغل منها سوى 10% من مساحتها، بل إن المناطق الصناعية الموجودة الآن تفتقر لأدنى الشروط من تهيئة وموقع متميز وتوفر وسائل الاتصال والمواصلات وغيرها".