«يخبئ» يوتيوب في خزائنه الكثير مما سبق وشاهدناه على الشاشة الصغيرة واعتبرناه خارجاً عن أي نص، بل يمكن القول إنه لا تليق به كلمة بلغتنا العربية أكثر من وصفه بأنه فضيحة. كيف قيلت تلك الفضائح من شاشاتنا؟ بل كيف لا تزال شاشاتنا الصغيرة مفتوحة على الغارب، وتسمح بأن يقال من خلالها كل ما التقطه يوتيوب وادخره لمن يرغب في الاستعادة؟ يروِّع إلى حد الإحباط ما شاهدته واستمعت إليه من بذاءات أطلقها رئيس ناد كبير في اتجاه مدرب كرة قدم اختلف معه. ولم أكد أنتهي من مشاهدة تلك البذاءات، حتى طالعتني ترهات شخص آخر وجد نفسه بين ليلة وضحاها نائباً تحت قبَّة البرلمان، فصدق وراح يضرب على غير هدى وفي كل الاتجاهات حتى خلعه زملاؤه مثلما يخلع النجار مسماراً عتيقاً تآكل بفعل الصدأ. لستُ غاضباً مما قيل وحسب، لكنني غاضب بالذات من كونه يقال أو بالأدق من كونه مسموحاً، بل ويراه بعضهم شأناً من شؤون الحرية في فضائيات عربية لا تحصى وتمتلك كل فضائية منها مفهوماً لا يتغير للحرية يقوم على حريتها هي في انتهاك حياة الآخرين، والفتك بحياتهم الخاصة وأمورهم الشخصية الفردية والعائلية على السواء. المسألة تتعلق هنا بالتربية الاجتماعية التي تقوم بها الفضائيات التلفزيونية، والتي لو جاءت على هذا النحو المنحرف ستؤدي الى اختلالات اجتماعية فادحة. خلل الرؤية والمـــعالجة التلفزيونية وحتى النقدي، يكمن في جانب مهم منه في النظر الى كل «حادثة» معزولة عن البقية، كأن يقال أنه خلل في مساحة الرياضة أو السياسة أو... وعدم رؤية الارتباط الوثيق الذي يجعل بينها جميعاً باعتبارها منظومة وسلوكاً، بل وحتى ثقافة لها من يريدون تعميمها وجعلها ثقافة الجميع التي تلعب الدور الأساسي في حياتنا بمختلف وجوهها ونشاطاتها. يتعلق الأمر أيضاً، بالنقد وخطأ وقوفه – غالباً – على الحياد أو إذا شئنا الدقة غير مهتم وينظر بتجاهل شبه كامل انطلاقاً من نظرته الخاطئة الى المسألة باعتبارها تتعلق بفلان وليست مسألة عامة. النقد الموضوعي يمكن أن يتابع، وأن يساهم بقدر في تصويب الممارسات التلفزيونية وتحقيق حالة التوازن التي يفيد منها الجميع.