ينتظر أن يمارس الاتحاد الأوروبي الضغط على تركيا ويحض اليونان على مساعدته في تسوية أزمة الهجرة، مع العمل على غلق "طريق البلقان" نهائياً، وذلك خلال قمة أوروبية في بروكسيل تعقد اليوم. وتنعقد هذه القمة الطارئة، وهي الثانية في أقل من أربعة أشهر، في ظل انقسام غير مسبوق داخل الاتحاد مع وصول 1.25 مليون طالب لجوء من جهة، وفي أجواء توتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي "القلق" من قمع وسائل الإعلام المعارضة للرئيس رجب طيب أردوغان. وكان الاتحاد الأوروبي وقع في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي "خطة تحرك" مع أنقرة لوقف تدفق المهاجرين الذين يغادرون بالآلاف السواحل التركية متوجهين إلى الجزر اليونانية. وعشية انعقاد القمة، قضى 18 مهاجراً على الأقل في حادث غرق قبالة ساحل بلدة ديديم جنوب غربي تركيا. وبعد جولة في البلقان واليونان وتركيا، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الجمعة الماضي إنه "لمس توافقاً أوروبياً (...) على استراتيجية شاملة يمكن أن تساعد، إذا طبقت، في الحد من تدفق" المهاجرين. والحل المطروح هو تطبيق اتفاقات "شينغن" للتنقل الحر بحرفيتها عبر عدم السماح بدخول اليونان سوى للأشخاص الذين يقدمون طلبات لجوء. وهذا سيسمح برفع إجراءات مراقبة الحدود مع نهاية العام الحالي، والتي تقررها كل دولة في شكل آحادي داخل الاتحاد لوقف تقدم المهاجرين في شكل فوضوي باتجاه شمال أوروبا، ومن ثم طرد "كل المهاجرين لأسباب اقتصادية" إلى تركيا التي ستعيدهم إلى بلدانهم الأصلية. ويبقى إقناع أنقرة بتنفيذ الوعود التي قطعتها في تشرين الثاني (نوفمبر) عبر تطبيق اتفاق إعادة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في أراضيها اعتباراً من الأول من حزيران (يونيو) المقبل. وقال توسك: "يمكن خفض التدفق بعمليات إعادة واسعة وسريعة" للمهاجرين غير الشرعيين. ويطلب الأوروبيون من أنقرة تعزيز التصدي للمهربين الذين ينشطون قبالة سواحلها بمساعدة سفن "حلف شمال الأطلسي" في بحر إيجه. وستتوجه سفينة فرنسية إلى المنطقة قريباً. وأعلنت بريطانيا اليوم إرسال ثلاث بوارج عسكرية للمشاركة في عمليات الأطلسي للتصدي لتهريب المهاجرين في بحر إيجه. ولا يزال 32 ألف مهاجر عالقين في اليونان في ظروف بائسة منذ إغلاق حدود دول البلقان. وخلال الساعات الـ24 الأخيرة، سمحت مقدونيا فقط بدخول 240 شخصاً، وفق إحصاءات للشرطة اليونانية صباح أمس. ويفترض أن يفرج الاتحاد الأوروبي بسرعة عن مساعدة غير مسبوقة تبلغ 700 مليون يورو على مدى ثلاث سنوات لمساعدة أثينا التي تواجه أزمة اقتصادية خطيرة. وقالت مركل أمس: "على الاتحاد الأوروبي دعم اليونان في شكل تضامني وسيقوم بذلك". وعلى رغم انخفاض عدد المهاجرين نحو ثلاث مرات عمّا كان عليه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ما زال حوالى ألفي مهاجر يصلون يومياً من تركيا إلى السواحل اليونانية. ويخشى القادة الأوروبيون من موجات أكبر في الربيع عندما يصبح عبور بحر إيجه أقل خطورة. وقال السفير التركي لدى الاتحاد الأوروبي سليم ينيل إن "ما يثير السخرية في هذه القضية أن علينا نحن وقف التدفق وأن ننقذ الاتحاد الأوروبي". وأضاف: "لقد تذكرونا فجأة بعدما تجاهلونا في السنوات العشر الأخيرة". وانتزعت أنقرة مكسباً كبيراً لقاء تعاونها في أزمة الهجرة هذه، هو تعليق التأشيرات المفروضة على المواطنين الأتراك ربما اعتباراً من الخريف المقبل، وتحريك عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلى جانب ثلاثة بلايين يورو من المساعدات للاجئين السوريين البالغ عددهم 2.7 مليون في هذا البلد. ولكن باستثناء برلين، تميل قلة من القادة إلى المشاركة في مشروع كهذا. وقال مسؤول أوروبي كبير: "طلبنا مساعدتهم وهم يجعلوننا ندفع ثمناً كبيراً جداً"، موضحاً أن الأوروبيين سيقدمون تأكيدات لتركيا حول برنامج واسع للأمم المتحدة للهجرة القانونية للاجئين السوريين إلى الاتحاد الأوروبي عن طريقها. ورفض الرئيس التشيخي ميلوس زيمان، المعروف بتصريحاته الحادة، أن يمنح الاتحاد الأوروبي تركيا ثلاثة بلايين يورو لمساعدتها في استقبال اللاجئين، معتبراً أن المبلغ "مال مهدور". وستنتهز الدول الـ28 فرصة الاجتماع اليوم لمحاولة إعادة بعض الانضباط إلى الكتلة. وترفض دول أعضاء تطبيق خطة لتوزيع 160 ألف لاجئ داخل الاتحاد جرى التوصل إليها في أيلول (سبتمبر) للتخفيف عن اليونان وإيطاليا. وجاء في مشروع البيان الختامي للقمة أن "تدفق المهاجرين غير الشرعيين على طول (طريق) البلقان وصل إلى نهايته. هذه الطريق باتت مغلقة".