نفد صبر الحكومة التركية، أخيراً، وقررت فرض الوصاية على صحيفة زمان التابعة لرجل الدين المعارض، فتح الله غولن. وكان الخلاف قد استفحل بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع حليفه السابق قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وعلى الرغم من منفاه، استخدم غولن أتباعه في أجهزة الدولة التركية للضغط على أنقرة. وكانت زمان بمثابة الناطق الرسمي باسم الجماعة، التي عملت على مدى عقود لترسيخ وجودها في قطاعات حساسة، مثل القضاء والشرطة. وفيما اعتبرت منظمة مراسلون بلا حدود الوصاية الحكومية على الصحيفة انتكاسة أخرى في تاريخ الإعلام التركي؛ يرى مراقبون أن الخطوة باتت لا مفر منها، في ظل استراتيجية كسر العظم التي تبناها الخصمان. وتصف أنقرة جماعة غولن، الذي يقيم في الولايات المتحدة منذ 18 عاماً، بـالكيان الموازي، وتتهمها بالتغلغل في أجهزة الدولة. وقد وجه لها القضاء اتهامات بالتآمر لقلب نظام الحكم، بعد فضيحة فساد سربها ضباط شرطة عام 2013، يشتبه في انتمائهم للجماعة. ويقول الناقدون إن الهدف من الوصاية على زمان هو التضييق على الإعلام المعارض في تركيا، التي تأمل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. بينما يرى صحافيون وقراء أتراك، أن الصحيفة كانت تسير في نهج ثابت؛ يتمثل في معارضة كل ما يصدر عن الحكومة التركية، في حين تتجاهل كل الأصوات الأخرى. ويبدو أن الكيان الموازي قد أخطأ التقدير، على الأقل في اختياره المواجهة وسط ظروف صعبة تمر بها تركيا حالياً. ويذكر أن الصحيفة البارزة تحولت من مؤيد للزعيم التركي إلى ناقد دائم، وذلك بعد نشوب الخلاف بين أردوغان وغولن. لقد استخدمت هذه الوسيلة الإعلامية واسعة النطاق، للتشكيك في نزاهة حزب العدالة والتنمية، والتقليل من أهمية إنجازاته اقتصادياً واجتماعياً. وكما أن السياسة التركية لها خصوصيتها المعقدة، فإن الإعلام في هذا البلد ظل دائماً موجهاً يسعى للاستقطاب بشكل أو بآخر. فالإعلام المعارض في زمن الديكتاتورية العسكرية نال حظه من التضييق، واليوم يتمتع هذا الإعلام بقدر من الحرية، يراها مراقبون أفضل بكثير من حاله خلال حقبة الحكم العسكري. ويبدو أن البعض قد استغل هذا الهامش من الحرية للاصطياد في الماء العكر. ولا يقتصر الأمر على زمان، فالصحف والقنوات التلفزيونية التابعة للأحزاب المعارضة الأخرى، لا تفوت فرصة للنيل من الحكومة. وكان نشر فيديو تهريب مزعوم لشحنة سلاح إلى سورية، العام الماضي، قد كشف نويات بعض القنوات الإعلامية المعارضة.