أكد سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أن استقرار الأوضاع في كل من العراق وسوريا والخروج من الأزمة فيهما، يتطلب أن تكفّ إيران عن العبث بالشؤون العربية، وأن يدرك الجميع أنه لايوجد حل عسكري للأزمة في هذين البلدين، وأن الحل السياسي هو الحل الذي يجب أن تعمل عليه جميع الأطراف، فضلاً عن قيام حكومة جامعة تحتوي كل مكونات الشعب في كلا البلدين. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده سموّه، أمس، مع فرانك فالتر شتاينماير، وزير الخارجية الألماني، في الديوان العام لوزارة الخارجية في أبوظبي. ورحب الشيخ عبد الله بن زايد، بزيارة الوزير الألماني والوفد المرافق إلى الإمارات، مؤكداً متانة العلاقات بين البلدين على مختلف الصّعد. وأوضح سموّه أن الوفد الألماني التقى صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان اللقاء فرصة حقيقية للتباحث في أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما كان مناسبة للتعبير عن الشكر لألمانيا وسفارتها في أبوظبي والفرق الطبية العاملة في مختلف المناطق الألمانية، على رعايتها وخدماتها العلاجية التي قدمتها لجرحى القوات المسلحة الإماراتية في اليمن. وقال سموّه: لقد مرت 5 سنوات منذ بداية العنف في سوريا، وحين بدأ النظام هذا العنف بحق شعبه كان عدد السوريين في الإمارات 100 ألف، واليوم العدد تضاعف كثيراً، ونحن لا نسميهم لاجئين ولكن لدينا الآن 100 ألف سوري إضافي منذ بداية الأحداث في سوريا، وفي هذا الإطار لابدّ من الإشارة إلى أننا نعمل عن كثب لمساعدة جميع الدول التي تستقبل اللاجئين السوريين، خاصة دول الجوار، مثل لبنان والأردن والعراق وتركيا. كما أن لدينا قلقاً حيال 7 ملايين لاجئ أو نازح داخل سوريا أيضاً، وهذا أمر معقد جداً، وأعتقد أن الحل الوحيد لمواجهة هذه المسألة يكمن في إيجاد حل للأزمة السورية، فما دام الوضع بقي على ماهو عليه في سوريا، فإن الأمور ستزداد تعقيداً خاصة بالنسبة لموضوع اللاجئين تحديداً. وأكد سموّه أن الإمارات تدعم كل المساعي والجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي مستورا للدفع نحو إنجاح العملية السياسية الكفيلة بإنهاء الصراع والإرهاب الذي دمر سوريا وزعزع استقرار المنطقة برمتها، مضيفاً أنه للمرة الأولى منذ 5 سنوات لدينا شيء يدعو للتفاؤل في مسار هذه الأزمة. ودعا سموّه جميع الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، وخاصة الولايات المتحدة وروسيا إلى بذل أقصى الجهود لتفضي مباحثات فيينا إلى نتيجة تحمل مستقبلاً أفضل للسوريين. وقال سموّ الشيخ عبد الله بن زايد، إن الإمارات تعمل سوياً مع شركائها مثل ألمانيا والولايات المتحدة وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي، لمواجهة التطرف والإرهاب، كما أنها تعمل معهم على إيجاد الحلول السياسية في كل من سوريا والعراق، لافتاً إلى أن هذه الحلول تحتاج إلى شركاء حقيقيين على الأرض، وهذا لا يتطلب أطرافاً تقبل بالحوار والمفاوضات فقط، بل يتطلب أنظمة في كل من بغداد ودمشق قابلة لأن تحتوي أطياف الشعبين وتمثلهم أيضاً. وشدد سموّه على ضرورة أن يتم وضع حد للتدخل الإيراني في المنطقة، حيث إنها الدولة الوحيدة في العالم التي ينص دستورها على تصدير الثورة، مشيراً إلى قول أحد الباحثين بأن تصدير الثورة يعني بالنسبة لإيران تصدير الطائفية، وهذا بلا شك عمل خطر جداً. وختم سموّه بأن إيران بإمكانها أن تصبح جارة وصديقة لدول المنطقة، لكن عليها الكفّ عن هذه الأفعال، موضحاً أن مباحثات 5 + واحد، أظهرت أن إيران قابلة للتحاور مع العالم، لكن عليها أن تظهر أنها قابلة للتحاور مع دول الإقليم وجيرانها. من جهته أكد وزير الخارجية الألماني، متانة العلاقات السياسية التي تربط بين بلاده ودولة الإمارات، خصوصاً أوقات الأزمات والقضايا المشتركة، لافتاً إلى أن الإمارات تعدّ مقصداً سياحياً معروفاً بالنسبة لكثير من الشعب الألماني، الذين يحرصون على القدوم إليها. وأشار إلى أن المحادثات التي يجريها في أبوظبي، تضمن التشاور في النزاعات الحالية في المنطقة، والوضع في اليمن، وملفات ليبيا ولبنان، وبشكل خاص ملف الطريق المستقبلي في سوريا، والجهود السياسية المبذولة حالياً لتحسين الوضع الإنساني وإدخال المساعدات الإنسانية للشعب السوري. وأكد شتاينماير، أهمية الهدنة التي تم الإعلان عنها مؤخراً، بين المعارضة المعتدلة والنظام السوري، معتبراً أنها أسهمت في تهدئة كبيرة للأعمال العدائية والأوضاع ميدانياً على الأرض، ما يساعد في تشجيع أطراف النزاع على الرجوع إلى محادثات جنيف. ورأى أن العودة إلى المحادثات السياسية بشأن مستقبل سوريا، وصولاً إلى تشكيل حكومة جامعة، يمثل أفضل تدعيم وتقوية، للتهدئة الحالية، مشيراً في السياق إلى أهمية العمل على إدخال المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين في الداخل، إذ إن هناك نحو 120 ألفاً من المحاصرين داخل سوريا. ورداً على سؤال بشأن توجه ألمانيا نحو زيادة دورها العسكري في سوريا، لفت الوزير الألماني إلى أن المنطقة تواجه نزاعاً جديداً منذ عدة أعوام، ولا يمكن حله بالوسائل العسكرية فقط، وإنما لابدّ من المزج الصحيح بين الجهود العسكرية وخلق فرص التفاوض السياسي، وهذا يعتمد على أطراف النزاع والدول المجاورة لمناطق النزاع، مشيراً في الصدد إلى أن ألمانيا تتعاون مع البيشمركة في شمالي العراق، منذ عام ونصف العام، وقد شاركت في تنفيذ ضربات عسكرية لتنظيم داعش، وتوفير غطاء جوي لقوات البيشمركة، ودعمها في صد هجمات هذا التنظيم. وأكد أن ألمانيا تراقب بكثير من القلق التعديات على الحريات الصحفية في تركيا، مشيراً إلى أن هذه التعديات أصبحت جزءاً مهماً من المباحثات مع الجانب التركي، خلال الاجتماعات التي تناقش قضايا متعددة وفي طليعتها أزمة اللاجئين السوريين.