القاهرة: محمد حسن شعبان قالت مصادر طبية وأمنية رسمية في مصر أمس إن 65 قتيلا ومئات المصابين سقطوا في اشتباكات بين مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي وقوات الأمن وأهالي في القاهرة والإسكندرية، عقب مظاهرات حاشدة شهدتها محافظات البلاد لتفويض قادة الجيش لمواجهة «الإرهاب»، مما دفع كاثرين أشتون مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى حث الأطراف المتصارعة في مصر على وقف العنف، قبيل اجتماع مرتقب لمجلس الدفاع الوطني، يرأسه الرئيس المؤقت عدلي منصور. وفي القاهرة، اندلعت اشتباكات دامية فجر أمس بين أنصار الرئيس المعزول وقوات الأمن وأهالي منطقة منشأة ناصر (شرق القاهرة)، في محيط النصب التذكاري على طريق النصر في حي مدينة نصر الذي يبعد نحو كيلومتر عن مقر اعتصام أنصار مرسي في ميدان رابعة العدوية. وقالت مصادر طبية بوزارة الصحة، إن عدد ضحايا اشتباكات «النصب التذكاري» وصل إلى 38 قتيلا مشيرة إلى أن عدد المصابين في الأحداث وصل إلى 320 شخصا، لكن قادة جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس المعزول تحدثوا عن 200 قتيل، وآلاف المصابين، في المستشفى الميداني في مسجد رابعة العدوية. وتضاربت الروايات حول طبيعة وأسباب الاشتباكات، وقال جهاد الحداد، المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، إن قوات الشرطة تصدت لمسيرة من مؤيدي الرئيس في طريق النصر، واستخدمت الغاز قبل أن تبدأ قبيل الفجر في فتح نيران أسلحتها على المتظاهرين السلميين. في المقابل، قدمت قيادات الشرطة رواية مختلفة. واتهم هاني عبد اللطيف المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية المصرية، أنصار جماعة الإخوان بالسعي إلى افتعال الأزمات»، قائلا: «إن جماعة الإخوان أبت أن يمر اليوم في سلام وسعوا لإفساده (في إشارة إلى المظاهرات السلمية التي شهدتها البلاد في عدد من ميادينها). وأضاف عبد اللطيف في بيان له أمس أن «مسيرة لأنصار مرسي تحركت من ميدان رابعة العدوية إلى مطلع كوبري أكتوبر (عند طريق النصر) لقطع الطريق وتعطيل الحركة المرورية، وقاموا بإشعال الإطارات بكثافة في مطلع الكوبري والاشتباك مع أهالي منطقة منشأة ناصر القريبة». وأشار عبد اللطيف إلى أن الاشتباكات بين الأهالي وأنصار مرسي استخدم فيها أسلحة نارية والخرطوش، مشددا على أن قوات الشرطة في كل الفعاليات أو مواجهة أحداث الشغب لم يتجاوز تسليحها الغاز المسيل للدموع ولم تستخدم سواه في كل المواجهات التي جرت، لافتا إلى أن الاشتباكات أسفرت أيضا عن إصابة 14 ضابطا منهم اثنان بطلقات نارية بالرأس في حالة الخطر. وعززت روايات شهود عيان رواية وزارة الداخلية، وقال القيادي الشاب في الحزب المصري الديمقراطي زياد العليمي وهو أحد أبرز قيادات ثورة 25 يناير إنه فوجئ أثناء مروره بطريق الأوتوستراد (امتداد طريق النصر) بنحو 50 شخصا من ذوي السمت الإسلامي (يرتدون الجلباب ويطلقون اللحى) يندفعون باتجاه الطريق لقطعه وهم يقذفون المارة والسيارات بالحجارة. وأضاف العليمي، وهو نائب سابق في البرلمان في شهادته التي وثقها على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إنه سمع دوي طلقات الرصاص، وشاهد عشرات الأهالي يفرون خوفا من هجوم أنصار الرئيس المعزول. وقال شاهد عيان آخر يدعى سيد عبد الجليل (47 عاما)، إن قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع لمنع أنصار مرسي من قطع طريق النصر، قبل أن تبدأ الاشتباكات بين أهالي منطقة منشأة ناصر، باستخدام الأسلحة الحية والخرطوش. في المقابل، تتهم جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، قوات الشرطة بالاستعانة بـ«البلطجية» لقتل المتظاهرين. وقال أحمد الشناوي (23 عاما) وهو شاهد عيان من مؤيدي مرسي إن الشرطة استخدمت الغاز بكثافة لتفتح الطريق أمام البلطجية الذين أمطرونا بالرصاص والخرطوش. وكان الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة، دعا المصريين الأربعاء الماضي، للاحتشاد في الشوارع يوم الجمعة لإعطائه تفويضا بمواجهة ما سماه «الإرهاب والعنف المحتمل»، (في إشارة لأنصار مرسي المعتصمين منذ نحو شهر في رابعة العدوية وأمام جامعة القاهرة)، ورد أنصار مرسي بتنظيم عدد من المظاهرات والمسيرات في عدد من المحافظات أيضا. من جانبه، أمر النائب العام المستشار هشام بركات بفتح تحقيق عاجل في أحداث العنف، التي شهدتها البلاد، كما قرر انتداب الطب الشرعي لمناظرة جثث المتوفين، والانتقال إلى المستشفيات للاستماع لأقوال المصابين من الطرفين. وفي الإسكندرية، قالت مصادر طبية إن الاشتباكات التي اندلعت في محيط مسجد القائد إبراهيم (وسط المدينة) أسفرت عن سقوط ثمانية قتلى وعشرات المصابين. وقال بيان وزارة الداخلية إن أنصار مرسي اشتبكوا مع أهالي تجمعوا لبدء فعالياتهم المؤيدة للفريق السيسي في محيط القائد إبراهيم وتبادلوا التراشق بالحجارة والأسلحة الخرطوش، واحتمى عدد من جماعة الإخوان بداخل المسجد واعتلى بعضهم مآذنه وأطلقوا النيران التي أصابت عددا من أهالي المنطقة والقوات. وأضاف البيان أن قوات الشرطة «تمكنت من الفصل بينهم (مؤيدي الإخوان ومعارضيهم) في إطار من الحرص على سلامة الكافة.. وأسفرت تلك المواجهات عن وفاة عشرة من الأهالي وإصابة كثير بينهم عدد من رجال الشرطة، وقد حالت القوات دون سقوط أعداد أكبر من القتلى في ظل الحشود الكبيرة التي تجمعت وطبيعة المنطقة السكنية التي شهدت تلك الواقعة». وبث نشطاء مقطعا مصورا يظهر أنصار جماعة الإخوان وهم يحققون مع عدد من المواطنين داخل مسجد القائد إبراهيم. وبدا المواطنون خلال مقطع مدته نحو ثلاث دقائق وهم مكبلون وتظهر عليهم آثار ضرب مبرح. وحاول أنصار مرسي انتزاع اعترافات منهم تحت التهديد بحسب ما أظهر المقطع. وفي أول رد فعل لأنصار مرسي على أحداث النصب التذكاري، قطع عدد من مناصري جماعة الإخوان شريط السكك الحديدية في محافظة الجيزة المتاخمة للقاهرة، مما تسبب في تعرض حركة القطارات للوجه القبلي للشلل، عدة ساعات. كما شهدت مدينة المحلة (شمال القاهرة) اشتباكات ومطاردات بين عدد من أنصار الرئيس المعزول وبين أهالي المنطقة أسفرت عن إصابة ثلاثة من بين المتظاهرين. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن مجلس الدفاع الوطني برئاسة الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، سيجتمع للوقوف على الحالة الأمنية وأوضاع الأمن القومي في البلاد خلال ساعات. ورجحت عقد الاجتماع في ساعة متأخرة من مساء السبت. من جانبها، قالت أشتون، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية إنها «تأسف بشدة» لسقوط قتلى خلال الاحتجاجات بمصر، وتحث جميع الأطراف على وقف العنف. من جهتها، أدانت وزارة الخارجية البريطانية أمس استخدام العنف ضد المحتجين في مصر، ودعت كل الأطراف إلى خفض حدة التوترات. وأعرب وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج عن قلقه العميق إزاء الأحداث الأخيرة في مصر، وأدان استخدام القوة ضد المحتجين، مضيفا: «أدعو كل الأطراف إلى الامتناع عن العنف. الآن هو وقت الحوار وليس المواجهة. مسؤولية قادة الأطراف تتمثل في اتخاذ الخطوات لخفض حدة التوترات». وندد حزب مصر القوية بوقوع عشرات القتلى والمصابين في الاشتباكات التي وقعت أمس وأول من أمس، وطالب الحزب الذي يتزعمه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين بإقالة حكومة الدكتور حازم الببلاوي إن لم تكن قادرة على حماية المواطنين، على حد قول البيان. وأضاف الحزب: «يبدو أن التفويض الذي أرادت أجهزة الأمن أن يمنحه لها الشعب، كان تفويضا بالقتل وليس تفويضا لمقاومة الإرهاب».