لندن: مصطفى سري يصل الرئيس السوداني عمر البشير إلى عاصمة جنوب السودان اليوم لإجراء لقاء مع نظيره سلفا كير ميارديت حول الأوضاع في الدولة حديثة الاستقلال. وبينما لمح متحدث باسم جيش جنوب السودان إلى وجود تحالف خفي وغير معلن بين الحكومة السودانية وجماعات التمرد بقيادة النائب السابق رياك مشار، نافيا ما تردد عن قرب سقوط عاصمة بلاده، كشف متحدث باسم المتمردين عن أن واشنطن طلبت من مشار وقف الزحف تجاه جوبا، فيما استؤنفت المحادثات المباشرة بين طرفي النزاع في أديس أبابا أمس بحضور الوسطاء. وقال وزير الخارجية في جنوب السودان الدكتور برنابا مريال بنجامين لـ«الشرق الأوسط»، إن «البشير سيصل جوبا اليوم لإجراء مباحثات مغلقة مع كير حول الأوضاع في جنوب السودان والعلاقات الثنائية بين البلدين»، مشيرا إلى أن الخرطوم قدمت مساعدات إنسانية للمتضررين من الحرب الدائرة في بلاده. حول وجود دعم من الخرطوم لقوات مشار، قال بنجامين: «نحن نسمع من أطراف مختلفة أن الاستخبارات العسكرية السودانية تقدم دعما عسكريا إلى قوات مشار، ولكن حتى الآن ليس لدينا دليل على ذلك، ولا أعرف إن كان كير سيبحث هذا الموضوع في الجلسة المغلقة»، لكنه عاد وأضاف أن «كل القضايا ذات الاهتمام ستبحث، وقد يتطرق البشير إلى ذلك». ومن جانبه، أوضح المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تحالفا خفيا وبصورة غير مباشرة بين الخرطوم وزعيم المتمردين، وأضاف أن «صحف الخرطوم تعبر عن موقف الحكومة، لأنها مملوكة للنظام، وهي منحازة بشكل واضح إلى مشار ومجموعته وتساند التمرد، وهذا دليل». وقال: «ليس لدينا معلومات حول دعم عسكري وإمداد بشكل واضح، وفي حال امتلاكنا للمعلومات والوثائق فإن الحكومة هي التي تعلن ذلك عبر وزارة الخارجية»، مشيرا إلى أن نائب المتمرد ديفيد ياو ياو، الذي يقود تمردا منذ أكثر من عامين تحالف مع القائد بيتر قديت، أحد قادة مجموعة مشار. ونفى أقوير ما تردد عن أن قوات مشار أصبحت حول عاصمة البلاد جوبا، وقال، إن «تلك الأنباء عارية عن الصحة». وأضاف أن القوات الحكومية على بعد ثمانية أميال من مدينة «بور» عاصمة ولاية جونقلي، وأضاف: «نبلغ شعبنا والعالم أجمع وبكل ثقة أن جنوب السودان يشهد استقرارا، والجيش الشعبي على مقربة من بور وبانتيو، وسوف يدخلهما خلال اليومين»، رافضا وصف الحرب بأنها قبلية. وأشار إلى أن الجيش الشعبي ما زال موحدا ومتماسكا، وقال: «لن نصبح جيشا تابعا إلى قبيلة أو حزب بعينه»، متهما المتمردين بتجنيد الأطفال واستخدامهم في القتال. وعد أن ما حدث في جوبا ليلة أول من أمس «اشتباكات معزولة، ولم تكن على مقربة من القصر الرئاسي.. والحكومة بدأت تحقيقاتها»، كاشفا عن انشقاق محدود حدث في مدينة «ياي» في ولاية غرب الاستوائية، التي كانت تعد المعقل الرئيس للجيش الشعبي خلال فترة الحرب الأهلية مع السودان، إلا أنه قال، إن «قواته تسيطر على الأوضاع في الولاية، وإن قوات مشار حاولت تعبئة المواطنين في أعالي النيل بغرض الهجوم على حقول النفط، ولكن الجيش الحكومي قام بطردهم». من جانبه قال يوهانس موسيس فوك، المتحدث باسم مجموعة مشار في مفاوضات أديس أبابا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس وفدي التفاوض دخلا في جلسة مباحثات مباشرة ومغلقة بحضور الوساطة، وإن جلسة الأمس تركزت حول ترتيبات وقف إطلاق النار في مقابل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في جوبا». وأوضح فوك أن فريق تفاوضه تقدم بشكوى إلى وسطاء الإيقاد حول التصريحات التي وصفها بالسلبية من قبل وزير الإعلام في جنوب السودان، حول رفض حكومته إطلاق سراح المعتقلين. وتابع أن «هذه القضايا يجري بحثها على طاولة المفاوضات، وليس عبر الإعلام»، مشددا على أن القوات الموالية لمشار أصبحت على مسافة قريبة من جوبا، لكنه قال، إن «واشنطن طلبت من مشار عدم التقدم نحو جوبا، وأن عليه أن يعمل على إنجاح المفاوضات مع الحكومة.. لكننا سنواصل التفاوض - حتى في حال سقوط جوبا على يد قواتنا - لأننا نريد السلام»، مشيرا إلى أن رؤية حركته تشكيل حكومة انتقالية وتحقيق الديمقراطية وإجراء الانتخابات بعد نهاية الفترة الانتقالية، التي لم يحدد فترتها. ورفض فوك وصف الحرب بين قواته والجيش الشعبي بأنها قبلية، وقال، إن «هناك قبائل لا تنتمي إلى القبيلتين الرئيسيتين، الدينكا التي يتحدر منها كير والنوير التي يتنمي إليها مشار»، وأضاف أن قبائل استوائية انضمت إلى مشار في غرب وشرق مناطق الاستوائية، وأن المعارك التي دارت في جوبا أول من أمس خير دليل على أن الكثيرين من الجيش الشعبي والمواطنين أصبحوا يتجهون نحو اقتلاع سلفا كير من الحكم.