بعد أن تم دفن الطفل المنحور "عبدالله - عشر سنوات" في الغصينية، وهو المكان الذي كان يذهب إليه الناحر بابنه لشراء المخدرات وتعاطيها، تفاعل المجتمع السعودي مع قضية "المنحور"، وأخذت القضية أبعادًا اجتماعية، بل فُتحت ملفات حول تعاطي الشؤون الاجتماعية بمنطقة جازان مع البلاغات التي تردها، ومداومة الزيارة من قِبل الفِرق المختصة للأسرة صاحبة الشكوى أو البلاغ. وكان الرأي العام السعودي قد صُدم صدمة كبيرة، بعدما اتضح أنَّ الأب محكومٌ بالقصاص في قضية قتل عمد، ومطلوب فيها الدية، وأُطلق سراحه دون التأكد من أوضاعه النفسية، بالرغم من تهديدات كان يتلقاها ذووه، وتحديدًا عمه وجد أبنائه محمد سويدي. وقد عاود اليوم قراء تقرير "سبق" السابق، الذي سرد فيه الجد تفاصيل حياة ناحر ابنه، تناول فقرة جدِّه التي تحدث فيها عن ذهاب الناحر بابنه إلى الغصينية من أجل تعاطي المخدرات وشرائها، متعاطفين مع ذلك بدفن المنحور في المكان الذي كان يهرب فيه من والده، واصفين نهايته بالمأساوية. وحول منعطف أثارته القضية حيال دور الحماية الاجتماعية أكَّد المدير العام للشؤون الاجتماعية بمنطقة جازان محمد بن أحمد معافا أن لديه صلاحيات وخطوات يقوم بها في حال بُلّغ بحالات عنفٍ جسديٍ أو لفظي أو بتهديدات بالقتل أو غيره، مؤكداً أنَّ الإجراءات التي تتخذها الوزارة تكون حسب الحالات الواردة لها، وتتم بسرعة. ولفت "معافا" في تصريح إلى "سبق" إلى أنَّ الوزارة بالفعل وصلتها حالة تهديد بالقتل سابقة، وتدخَّلت الحماية الاجتماعية في القضية، واتخذت الإجراءات الكفيلة بالحماية. وأضاف: "منحت الدولة قسم الحماية صلاحيات لحماية أفراد المجتمع الذين يندرجون تحت مهامها. ومن هذه الصلاحيات سحب الأبناء في الحالات التي يتوجب فيها ذلك، ومنها العنف والاعتداء، وغيرها من الحالات التي تتابعها الفرق المختصة لدى الفرع دوريًا في المنزل بالرعاية، وأخذ التعهدات اللازمة. والتهديدات بالقتل نأخذها بعين الاعتبار، ونجري الإجراءات النظامية حيال ذلك بشكلٍ فوريّ. وأول الإجراءات هو إبلاغ الجهات الأمنية، وإحالة أطراف القضية لها بمتابعتنا، حتى يتم التحقيق فيها، والتأكد من حقيقة البلاغ". وتابع: "مع قلة البلاغات بالتهديد بالقتل لدى قسم الحماية الاجتماعية إلا أنَّ الموضوع يؤخذ بعين الاعتبار، ويُدرس من كلِّ جوانبه. ونسبة البلاغات بالتهديد بالقتل في منطقة جازان محدودة جداً". وقال المحامي والمستشار القانوني عبدالكريم القاضي لـ"سبق": "إنَّ الجاني الذي أقدم على نحر ابنه يستحق القتل قصاصًا أو تعزيرًا". مفسرًا ذلك بـ"الوالد سببٌ في إيجاد الولد، والابن ليس هو السبب في إعدام أبيه، بل الوالد هو السبب في إعدام نفسه بفعله جناية القتل. وعند الإمام مالك - رحمه الله- اختار أن يُقتل الوالد بولده إذا كان عمدًا، لا شبهة فيه إطلاقًا، بأن جاء بالولد وأضجعه، وأخذ سكينًا وذبحه؛ فهذا أمر لا يتطرق إليه الاحتمال، بخلاف ما إذا كان الأمر يتطرق إليه الاحتمال. وقال: لأن قتل الوالد ولده أمر بعيد؛ فلا يمكن أن نقتص منه إلاّ إذا علمنا علم اليقين أنه أراد قتله". وأضاف: "والراجح في هذه المسألة عند الشيخ ابن عثيمين أن الوالد يُقتل بالولد. ولو تهاون الناس بهذا لكان كل واحد يحمل على ولده، ولاسيما إذا كان والدًا بعيدًا، كالجد من الأم، أو ما أشبه ذلك، ويقتله ما دام لن يقتص منه. ويجب أن يراعَى في ذلك المصلحة العامة، فإنه إذا لم يُقتل قصاصًا فقد يُقتل تعزيرًا، وخصوصًا إذا كانت صفة القتل غيلة، كأخذه على وجه الأمان، ثم يغدر به؛ وذلك لحفظ الأمن، ونحوه من المصالح العامة". وكانت شرطة جازان قد كشفت سيناريو قضية مقتل الطالب على يد والده، الذي اعترف بمقتله بعد أن اقتاده من مدرسته. وأكّد شقيق الجاني أن أخاه يعاني "هلاوس" واضطرابات نفسية. وكان الناطق الإعلامي لشرطة منطقة جازان، المقدِّم محمد الحربي، قد أوضح أنَّه عند الرابعة من عصر الثلاثاء، الموافق 7 / 5 / 1437 هـ، حضر لمركز الضبط الأمني بالدغارير بجازان أحد المواطنين "40 سنة" مبلِّغًا أنَّه قام باصطحاب ابنه البالغ من العمر "10 سنوات" من مدرسته الساعة التاسعة صباحًا، وتوجّه به إلى أحد الأحواش قرب الإسكان، ونحره من عنقه بسكين. وقد عُثر على جثة الطفل. وبيّن الحربي أنَّ الجاني لم يكشف عن أسباب جريمته ودوافعها. وقد حضر شقيقه، وأكّد أنَّ الجاني يعاني اضطرابات نفسية و"هلاوس"، وتمّ اتخاذ اللازم حيالها، وباشرت الشرطة والخبراء المختصّون إجراءات المعاينة، وتمّ إحالة القضية إلى فرع هيئة التحقيق والادعاء العام بالمنطقة لإكمال الإجراءات النظامية.