لندن: «الشرق الأوسط» واشنطن: محمد علي صالح توالت الإدانات الدولية والحقوقية لأحداث اشتباكات القاهرة فجر أول من أمس، والتي راح ضحيتها ما يزيد على 72 قتيلا وعشرات الجرحى خلال اشتباكات بين مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي من جانب، وأهالي وقوات أمنية من جانب آخر.. فيما طالبت عواصم غربية أطراف الأزمة في مصر - وبخاصة السلطات – بـ«ضبط النفس»، غداة وصول وفد من الاتحاد الأفريقي للقاهرة للاستماع لشرح بشأن الأحداث في مصر على خلفية تعليق الاتحاد لعضوية مصر به، عقب عزل الرئيس مرسي. وقال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إنه ينبغي على قادة مصر العمل لإبعاد بلدهم «عن حافة الهاوية»، مشيرا إلى أن مصر تمر «بلحظة حاسمة». وأوضح كيري أنه تحدث مع مسؤولين على مستوى عال في «الحكومة المؤقتة في مصر»، وهما نائب الرئيس محمد البرادعي ووزير الخارجية نبيل فهمي، وأنه عبر لهما عن «القلق البالغ من إراقة الدماء والعنف في القاهرة والإسكندرية، على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية (الجمعة والسبت)، والذي أودى بحياة عشرات المتظاهرين المصريين، وإصابة أكثر من ألف شخص». وقال كيري، في بيان مكتوب: «هذه لحظة حاسمة لمصر. وتدعو الولايات المتحدة كل القادة من مختلف الأطياف السياسية في مصر للعمل فورا من أجل مساعدة بلدهم على التراجع خطوة إلى الوراء بعيدا عن حافة الهاوية». داعيا قوات الأمن المصرية لاحترام حق المصريين في الاحتجاج السلمي، وقال إن «هذا التزام أخلاقي وقانوني». وحث كيري على «الوصول إلى عملية سياسية لا تقصي أحدا، وتضم ممثلين عن كل الأحزاب السياسية، وتؤدي - بأسرع وقت ممكن - إلى حكومة منتخبة انتخابا حرا، وملتزمة بالتعددية والتسامح». كما عبر وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل عن قلقه العميق إزاء العنف، ودعا في اتصال هاتفي مع نظيره المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي إلى التحلي بضبط النفس بعد مقتل عشرات المحتجين في وقت سابق اليوم. وقال المتحدث باسم البنتاغون، جورج ليتل في بيان: «تعتقد الولايات المتحدة أن الفترة الانتقالية الحالية يجب أن تتسم بالشمولية، وأنه على السلطات المصرية أن تتجنب الاعتقالات والاحتجازات ذات الدوافع السياسية وأن تتخذ خطوات لمنع المزيد من إراقة الدماء وفقدان الأرواح». من جانبه، أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون العنف، وقال مكتبه الصحافي في بيان مساء السبت: «يدعو الأمين العام مرة أخرى السلطات المؤقتة للاضطلاع بمسؤوليتها كاملة وضمان حرية جميع المصريين»، مطالبا «مجددا أنه يجب الإفراج فورا عن السيد محمد مرسي وقادة (الإخوان المسلمين) المحتجزين حاليا أو مراجعة أوضاعهم بشفافية كاملة»، ومناديا كل شعب مصر لحل خلافاته عبر الحوار، ومجددا دعوته لكل الأطراف بالدخول في عملية مصالحة جدية وشاملة. ونددت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أمس بالواقعة، متهمة السلطات المصرية بـ«الاستهانة الإجرامية بالحياة البشرية، ودعت الحكومة إلى إصدار أوامرها بالتوقف عن إطلاق النار إلا عند الضرورة القصوى». وأشارت المنظمة في بيان لها إلى أن «الكثير من الضحايا أصيبوا بالرصاص في الرأس وفي الصدر، وأن أطباء المستشفى الميداني برابعة العدوية اعتبروا أن بعض الضحايا تم استهدافهم، بالنظر إلى أثر الرصاص». وقال مدير مكتب المنظمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نديم حوري، إنه «يكاد يكون من المستحيل تخيل أن يسقط هذا العدد الكبير من القتلى لو لم تكن هناك رغبة في القتل، أو استهانة إجرامية بالحياة البشرية»، بحسب قوله. من جهته، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بالنفاق في التعامل مع العنف في مصر. ونقلت وكالة أنباء أناضول التركية عنه مساء السبت تساؤله: «أين الآن هؤلاء الذين أثاروا ضجة عندما استخدمت الشرطة التركية بأسلوب مبرر وقانوني تماما (مدافع) المياه ورذاذ الفلفل عندما يكون هناك انقلاب ومذبحة في مصر؟». وقال: «في البداية ذبحت الديمقراطية في مصر والآن يتم ذبح الشعب المصري». كما شهدت السويد أول من أمس مناوشة دبلوماسية بين وزير خارجيتها كارل بيلدت والسفير المصري لدى ستوكهولم أسامة المجدوب على موقع «تويتر». حيث قال بيلدت على حسابه إنه «قلق لضخامة عدد القتلى، وإن قوات الأمن لا يمكن أن تتنصل من المسؤولية»، فرد المجدوب أن «الوضع مقلق بالفعل، لكن هؤلاء لم يكونوا مدنيين مسالمين؛ بل عصابات مسلحة».. وأن الوضع «يصعب فهمه بالنسبة لمواطني السويد». لكن بيلدت رد في سخرية: «إذن فهل قتلوا أنفسهم جميعا؟ جرب (تبرير) آخر».. فيقول المجدوب: «أنا لم أقل ذلك. لكن عندما يتم إطلاق النار على الشرطة فماذا يمكنها أن تفعل؟ التظاهر يختلف عن التصفية». فيعود بيلدت للتساؤل عن «من إذن قتل كل هؤلاء؟ لا يمكن التبرير»، فيرد المجدوب: «التحقيقات سوف تشرح. أنا فقط أوضح ولا أبرر.. كلنا مصريون في نهاية الأمر». وعلى صعيد متصل، أكد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي لنظيره الصيني، عبر اتصال هاتفي أمس، أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ خارطة الطريق التي توافقت عليها القوى السياسية وفقا للتوقيتات الزمنية الواردة في الإعلان الدستوري، بما في ذلك إشراك كل التيارات والقوى السياسية في العملية السياسية الحالية وبما يؤدي إلى إقامة ديمقراطية حقيقية راسخة، بحسب بيان للمتحدث باسم الخارجية المصرية. كما أوضح فهمي، عقب استقباله وفدا من لجنة الحكماء الأفريقية برئاسة ألفا عمر كوناري رئيس مالي السابق أمس، أن «الوفد استمع إلى التصور المصري لما حدث في مصر وما نلتزم أن نفعله وسيتم فتح الباب للوفد للقيام بالاتصالات مع الأطراف المختلفة حتى تكون الصورة أمامه بالكامل».