ليست كل أمانينا كباراً، وليس بإمكاننا تحقيق كل أمانينا الصغار.. هناك أشخاص يتمنون فعل أشياء صغيرة مثل تعلم السباحة أو ركوب الدراجة أو حتى التحدث بلغة انجليزية ركيكة ولكنهم وصلوا لسن يصبح حتى تعلمها محرجاً.. ولكن من قال إن رأي الناس فيما تريده وتتعلمه هو المهم .. هل ستصبح أكثر جرأة مثلا لو علمت أنك (لا قدر الله) ستموت بعد ستة أشهر من الآن؟ هل سيكون هذا كافيا لحثك على تنفيذ كل أمنياتك المؤجلة - حتى الصغير والساذج منها.. هل سيكون هذا دافعا لصرف تحويشة العمر على أمنيات كنت تراها غير ضرورية (كزيارة الأمازون مثلا).. هل سيجعلك هذا أكثر شجاعة لخوض مغامرات كنت تعتقد أنها ستؤدي بحياتك (كالصعود بالبالون أو رمي نفسك بالبراشوت )؟ بالتأكيد ستكون أكثر شجاعة وجرأة لأنك ستموت على أي حال.. بالتأكيد ستفعل لأنك لا تحتاج لادخار مزيد من المال أو المحافظة على عمرك القصير أصلا.. أذكر أنني كتبت مقالا عن فيلم تدور قصته حول رجلين يجتمعان في غرفة صغيرة بأحد المستشفيات ويصبحان صديقين بمرور الوقت.. وذات يوم يبدأ كارتر (الميكانيكي المثقف) بكتابة قائمة بالأشياء التي كان يتمنى انجازها خلال حياته قبل أن يخبره الأطباء بقرب وفاته.. وبالصدفة يطلع زميله إدوارد على قائمة أمنياته الخاصة ويضيف إليها.. وحين يستيقظ يحاول إقناعه بتنفيذها خلال الفترة المتبقية من حياتهما وصرف كافة مدخراتهما عليها! وأخيرا يوافق كارتر ويبدأ الاثنان في صرف المال لتنفيذ أحلامهما المؤجلة.. وهكذا يسافران لرؤية تاج محل، وتسلق اهرامات مصر، وتناول الغداء في برج إيفل، والطيران فوق القطب الشمالي، والقيام برحلة سفاري في أفريقيا، وقيادة دراجة نارية فوق سور الصين العظيم .. إلى آخر المواقع التاريخية التي كان يأمل كارتر زيارتها خلال حياته ووضع قائمة بها استعدادا لوفاته! .. قد يكون مجرد فيلم؛ ولكن الواقع يخبرنا أن جميع الناس سيندمون حتما على تأخير أمنياتهم حتى نهاية حياتهم.. لا أدعوك للتهور وترك عملك وحياتك للدوران حول العالم مثلهما.. ولكن حاول قدر الإمكان تنفيذ أجزاء صغيرة من قائمتك الخاصة كلما سنحت لك الفرصة.. ففي يوليو القادم هناك مهرجان مطاردة الثيران في أسبانيا، ومصارعة الزيت في تركيا.. وفي ديسمبر حفل توزيع جوائز نوبل في السويد، ومسابقات رعاة البقر في أميركا، وفي يناير من كل عام رالي دكار باريس، وبعده مهرجان فينيس التنكري في ايطاليا، وفي مارس مهرجان الاسكندرية الثقافي وحفل جوائز الأوسكارفي لوس انجلوس، وفي مايو مهرجان فاس للموسيقى الدينية وسباق جراند بريكس في موناكو.. طبعا ستبتسم عند هذا الحد وتقول (سامحك الله) ليس بوسع الجميع فعل ذلك.. وهذا صحيح.. معك حق؛ ولكن لاحظ أن (طول الأمل) هو ما يجعلك تكتنز المال وتؤجل الأحلام، وتضخ مدخراتك في سوق الأسهم وليس ضيق الوقت والمال .. حين تفكر بطريقة كارتر وإدوارد ستكتشف أنك تملك من المال والوقت ما يسمح لك بتحقيق معظم أمنياتك بمجرد تغيير طريقة تفكيرك.. باختصار .. وأيا كانت حالك فلا تبخل على نفسك بالفرص السعيدة وتخيل دائما ماذا ستفعل لو تبقى من حياتك ستة أشهر فقط!