×
محافظة الرياض

رجال أعمال: مترو الرياض يؤسس لمرحلة حضارية فى مسيرة العاصمة

صورة الخبر

قريباً يحل موسم جديد لفرح عظيم، هو عيد الفطر المبارك، أعاده الله على الجميع بالخير والأمن والسلام، وهو عيدي الرابع عشر الذي أصْلى فيه لظى اليتم كاملاً منذ رحيل سيدتي الوالدة - طيَّب الله ثراها - إلى الفردوس الأعلى - بإذن الله -! كانت فرحتي بالعيد تتضاعف بمشاركتي إيّاها - رحمها الله - مراسمَ الاحتفاء بهذه المناسبة الكريمة، وكنتُ أحرص أكثر ما يكون الحرص على شدّ الرّحال إلى دارها العامرة في أبها كل رمضان لأُمضيَ في روض حنانها ما بقي من عشره الأواخر، أستمطر دعاءها، وأستمتع بحديثها، وأستعيد معها بعضاً من ذكرياتٍ مشتركة لم تأتِ عليها بعد (عُثّة) النسيان! رحم الله تلك المرأةَ الجليلة، فقد ارتبط ذكرُها وذكراها بمساحة عريضة من خارطة طفولتي المثخنة بالحرمان، وكانت تستثمر كل فرحة تحل، من عيد وسواه، فتسعى جاهدة مجتهدة لإسعادي إسعاداً يُشفي جرح الحنين لها الرابض بين أضْلُعي! وكان لعيد الفطر المبارك حضورٌ خاصٌ في وجدان سيدتي الوالدة، وأتذكر إصرارها، وأنا في مرحلة الطفولة المبكرة، على (تجهيزي) ليلة العيد بأسلوبها الخاص، فتغمس القدمين مني واليدين في (عجينة) الحناء.. ثم تغطي أطرافـي الأربعة بورق عريض من شجر يعرف بـ(العِبَب)، ثم تشدّها بقطع من القماش شدّاً لا أقوى معه حراكاً ولا سُباتاً حتى مطلع الفجر! وأغدو كمشروع (رائد فضاء) من الأقزام تكوّم داخل مقطورة مفرّغة من الهواء! ويدركني الصباح.. فأتحرّر بصعوبة من وثاقي، لأبدأَ معاناة جديدةً تفسدُ عليّ شيئاً من فرحة العيد.. فقد كانت قدماي ويداي تتصلّبان بعض الوقت من آثار الشدّ والعزل عن الهواء تصلّباً لا أستطيع معه لبس الحذاء الجديد أو تناولَ الطعام إلاّ بجهد جهيد! لكنني أبلعْ آلامي.. كي لا أفسدَ على أمي الحنون فرحتَها بي.. وبالعيد! ومن أجمل وأجلّ ذكريات العيد في السنوات الأخيرة التي سبقت وفاتَها جلسةُ صباح العيد بجوارها الطاهر، كنا نقعد متقابليْن وبيننا (جزّة) النار وقد تزينت بأباريق القهوة والشاي والحليب أعدّتها اليد الحنون منذ دقائق الفجر الأولى، تصاحبها رقائق خبز البرّ العسيري الشهير، ويعمر حديثُنا بعبق الذكريات، فتضحك تارةً عند ذكر بعضها، وابتسم أنا سعادةً بذلك، وتارةً يبلّل الدمع عينيها الكريمتين تأثراً بمواقف أخرى، فأسارع إلى تغيير الحدَيث لتشرق الابتسامة الحنون على وجهها من جديد! وبعد، فرحم الله سيدتي الوالدة.. فقد كانت تجتهد في اصطياد ذرات الفرح لي متحديةً كيدَ الحياة وكدَّها، محاولةً بذلك أن تجعل من عيد الفطر المبارك موسم فرح لي يُنسيني قسوة الأيام! تعريفات غير مأثورة: الانتقام: هزيمة الحليم! المطر: أنشودة السحاب! الليل: استراحة المحاربين! الشَّعر: واحة للنفس من وهج النثر! العُمْر: العبرة بما بقي منه لا بما فات! النجوم: شهود لعبقرية الخالق! الجريدة: (زاد) يفقد قدراً من (صلاحيته) في نهاية اليوم! مثل شعبي بليغ: (جِلدٍ ما هُو بجلدِك.. جُرَّه على الشوك)! وما أصدق هذا المثل وصفاً للعبث ببعض إنجازات التنمية! الدموع: في عيني المرأة سحر ودلال، وفي عيني الرجل صدق ووفاء! الطموح: رائع.. إذا اقترن بالقدرة على بلوغ أهدافه!