منذ أكثر من عشر سنوات انتشرت في السعوديةمسابقات وتجارة "مزاين الأغنام والماعز"، سيرا على خطى "مزاين الإبل"، بعد أن لاقت الأخيرة شعبية وانتشارا على مستوى الخليج العربي، وتحولت لتجارة تدر ملايين الريالات. وبالرغم من الانتقادات الحادة التي وُجهت لمزاين الإبل في أسعارها الفلكية والبذخ الذي يرافق مسابقاتها، لمتلق مسابقات الأغنام والماعز الانتقادات ذاتها. لكن باحثين سعوديين في الثروة الحيوانية وجهوا انتقادات وتحذيرات من نوع آخر يهدد سلالات الأغنام المحلية وتنوعها البيولوجي الوراثي إن لم تكن هناك مراقبة وضبط للفصائل التي تدخل المزادات، والخطر الذي يحذر منه الباحثون يشكله مربون هواة دخلوا في هذه المسابقات بهدف التكسب السريع. وحتى يحصل المربون الهواة على سلالات جميلة تمكنهم من الدخول في مزادات الفصائل النادرة ومزاين الأغنام لجؤوا إلى عمليات تهجين وتحسين وراثي بين السلالات المستوردة والمحلية بشكل مفرط ومركز على بعض الصفات الشكلية، ويغفلون الصفات الإنتاجية، بل قد ينتخبون بعض التشوهات الخلقية التي تؤثر على معدل البقاء للمواليد، كما لا يولون الترقيم والقياس للصفات أهمية عالية. فيصل المذن: انتقال الأمراض غير المستوطنة هي أهم مخاطر السلالات الخارجية (الجزيرة نت) التحسين الوراثي ويرى أستاذ تربية وراثة الحيوان المشارك في جامعة الملك سعود الدكتور رياض الجمعة أن الترقيم خطوة مهمة للتحسين الوراثي، غير أن المربين لا يهتمون بها. وقال الجمعة للجزيرة نت إن السلالات المستوردة للتربية تشكل خطرا على السلالات المحلية إذاتمت إساءة استخدامها من خلال الخلط العشوائي من قبل بعض المربين، وأضاف أن هناك احتمالية فقدان التراكيب الوراثية المتميزة للسلالات المحلية في مقاومة الأمراض وتحمل الظروف المناخية الحارة وغيرها من الصفات الكامنة لدى هذه السلالات المحلية. كما يحذر الباحثون من إهمال عمليات التهجين والتحسين دون رقابة، لا سيما أنه مع مرور الوقت ينتج خليط من السلالات المحلية والمستوردة غير متميزة في الشكل واللون والإنتاج وكذلك الكفاءة. وفي السياق ذاته، يشير الدكتور فيصل المذن أستاذ الوراثة وتربية الحيوان المساعد ورئيس قسم الصحة العامة ورعاية الحيوان في جامعة الملك فيصلإلى أن انتقال الأمراض غير المستوطنة هي أهم مخاطر السلالات الخارجية على المحلية، وقد يتعدىالضرر على الحيوان مباشرة في حدوث تشوهات ظاهرية او تشوهات عضوية داخلية، أو خلل وظيفي، أو سلوكي. وكشفت بحوث فيالتنوع الوراثيأن الغنم النجدي قريب ومتداخل وراثيا من الغنم الحري، ووجد خلط وراثي بين الماعز الشامي مع الماعز العارضي، كما رصدت حالات تشوه بالغة في الفك في حظائر الماعز الشامية المهجنة بالماعز الهندي، لدرجة لا تستطيع فيها المواليد الرضاعة من أمهاتها مباشرة. أحمد السبيعي: ارتفاع الأسعار لندرة العرض وكثافة الطلب (الجزيرة نت) التلاعب بالجينات ومن شدة التلاعب بالجينات ولزيادة جمال الوجه في الماعز العارضية والكسب السريع، أدخل عليها فصيلة باكستانية تسمى "الراقصة"، أدت إلى عدم التفريق بين السلالة النقية والسلالة المشروكة. وتصل أسعار الواحدة من الماعز أو الفحلفي المزادات إلى أربعين ألف دولار، وتسمى تجارتها بتجارة الصنف. ويعزو المربي أحمد السبيعي ارتفاع الأسعار لندرة العرض وكثافة الطلب، ويقول للجزيرة نت "قد لا تتوفر في الحظيرة إلا واحدة أو اثنتان، حيث يتطلب إنتاجها صبرا ووقتا طويلا يمتد إلى عشر سنوات". وطول الأمد في الوصول للإنتاج النهائي هو ما يدفعقاصدي الكسب السريع والهواة إلى التهجين والتحسين بشكل عشوائي غير مدروس للدخول في مزادات الصنف. ولذلك يدعو الباحثون الجهات الرسمية إلى ضبط التهجين العشوائي وغير المدروس، وعدم منح رخص لمشاريع التهجين إلا بدراسات وافية وضمانات عدم بيع الهجن كحيوانات تربية للمربين الهواة أو صغار المستثمرين.