تعتبر تركيا من الدول التي أبدت مواقف قبول إيجابية لمبادرة المملكة بخصوص إنشاء تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب المنتشر في مختلف البلدان الإسلامية، حيث رحبت الحكومة التركية بإعلان المملكة في 12 ديسمبر 2015م إنشاء تحالف من الدول الإسلامية لمحاربة الإرهاب يتكون من مجموعة كبيرة من البلدان الإسلامية، حيث صرح رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو قائلًا: "إن اتخاذ البلدان الإسلامية موقفاً موحداً ضد الإرهاب يعد أقوى جواب يوجه للساعين نحو ربط الإرهاب بالإسلام، وأن تركيا مستعدة للمساهمة بما في وسعها في حال ترتيب اجتماع لمكافحة الإرهاب بغض النظر عن الجهة المنظمة، ونعتبر هذه الجهود بين البلدان الإسلامية خطوات صحيحة". كما يأتي الترحيب التركي ليعكس انفتاح تركيا مجددًا على العالم العربي في إطار مراجعة السياسة الخارجية التركية لعلاقاتها مع العديد من الدول خاصة الدول العربية بهدف تعزيزها وتقويتها، وقد ظهر مثال على ذلك في الدفعة القوية الحالية التي تشهدها العلاقات التركية – السعودية ومساعي إنشاء مجلس تعاون إستراتيجي بين البلدين. وبخلاف الأهمية التي تُولى لضم تركيا في هذا التحالف كدولة ذات موقع وصاحبة سياسات مؤثرة في منطقة الشرق الأوسط وذات وضع اقتصادي مؤثر في الاقتصاد العالمي باعتبارها عضو في مجموعة العشرين الكبار G20، استطاعت تركيا أن تحصل على خبرات وقدرات على مستوى عال في مختلف المجالات التعليمية والأمنية والاستخباراتية والإعلامية قد تجعل مساهماتها المنتظرة في التحالف تحدث فرق وتترك أثر إيجابي على أنشطة غرفة العمليات المشتركة في الرياض التي تسعى لمحاربة الإرهاب على المستوى الفكري والإعلامي وعلى المستوى الأمني. ويرجع مصدر الخبرات والقدرات المتقدمة التي اكتسبتها تركيا نتيجة إحتكاكها المستمر والقديم مع حليفها الأول (الولايات المتحدة الأمريكية) والدول الأوروبية بحكم قربها السياسي معهم وحكم الجغرافيا التي تربط تركيا مع القارة الأوروبية وتشجيع الحكومة التركية والحكومات الغربية على تعزيز حركة البعثات والتنقل بين الطرفين للإستفادة من تجاربهم في مختلف المجالات بدءًا من التعليم والإعلام حتى المجالات الأمنية والعسكرية. من ناحية أخرى، تشهد المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التركية عملية تطوير وإصلاح مستمرة كي تحاكي المنظومة الغربية في معدلات الكفاءة والأداء كجزء من مسعى تركيا للإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي. مما يجعل الإسهامات التركية والتي يمكن أن يستفيد منها التحالف وغرفة العمليات المشتركة ذات قيمة ويؤهل تركيا كي تكون عضوا نشيطا ومؤثرا إيجابيًا في التحالف. تمتلك تركيا نخبة وكادر على مستوى عال من الخبرة، خاصة من ضباط الجيش والشرطة المتقاعدين وفي الخدمة، فيما يتعلق بمسألة مكافحة الإرهاب والتي تراكمت لديهم نتيجة وجود مسلحي حزب العمال الكردستاني على أراضي تركيا والمواجهات العسكرية التي شهدتها تركيا معه منذ تسعينات القرن الماضي وتشهدها حاليًا مدن جنوب شرق البلاد. حيث يستطيع التحالف توظيف هذة الخبرة في صورة استشارات عسكرية وأمنية تتعلق بالخطط وأساليب التعامل والاشتباك يمكن أن تقدمها تركيا للدول الأعضاء في التحالف والتي تواجه خطر تنامي التنظيمات الإرهابية على أراضيها أو في أراضي الدول المجاورة لها. كما تستطيع تركيا بفضل إمكانياتها الأمنية المتقدمة توفير معلومات لغرفة العمليات المشتركة في الرياض ضمن التنسيق الأمني والاستخباراتي بخصوص شبكات تجنيد العناصر المتطرفة وقنوات التمويل ومصادر التمويل وخطوط الإمداد بالأسلحة التي تستغلها الجماعات الإرهابية للقيام بعملياتها، خاصة وأن تركيا تمتلك أطول خط حدودي مع سوريا والعراق التي ينشط بهما أخطر تنظيم إرهابي وهو تنظيم (داعش) الذي يعتبرهم (سوريا والعراق) دائرة نشاطه الأولى. أيضًا، تستطيع الدول الأعضاء في التحالف الاستفادة من المؤسسات والمعاهد الأمنية والعسكرية التركية في إعداد وتأهيل الكادر الأمني وتقوية البنية الأمنية داخل الدول الأعضاء في التحالف ليصبح قادر على مواجهة التنظيمات الإرهابية المختلفة في الوقت الحاضر والمستقبل. فقد باتت المعاهد الأمنية والكليات العسكرية التركية تشهد زيادة في أعداد الطلبة الوافدين إليها من الدول الإسلامية والأفريقية ويمكن أن يزداد التعاون في هذا الأمر تحت مظلة غرفة العمليات المشتركة والتحالف. كما يمكن أن تساهم تركيا من خلال كوادرها الأكاديمية والكوادر العاملة في المؤسسات السياسية والأمنية عبر التنسيق مع الدول الأعضاء في إعداد دراسات وأوراق عمل حول الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية لقضايا الإرهاب والتداعيات المختلفة لهذه الظاهرة على المدى القريب والبعيد، بالإضافة إلى مناقشة إضفاء طابع مؤسسي على التحالف أو طرح مواثيق تكون ملزمة للدول الأعضاء وتضمن استمرارية أنشطة التحالف على المدى البعيد.