يتوافد الجمهور بعد ظهر كل يوم قبل بدء فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون إلى قرية التراث بما لا يقل عن ساعة من الزمن، إما للتواصل أو لالتقاط الصور التذكارية مع نجومهم المفضلين من ضيوف المهرجان الذين انبهروا بما قدمه عرض الحكواتي على الخشبة بأجوائه القريبة من سيرة الهلالي، ليصيبهم جلال الدين الرومي بخيبة أمل ليغادروا بيت المونودراما تباعاً. هيمن محمد الزبيدي الذي أدى دور الحكواتي، على أجواء المسرح والجمهور منذ اللحظة الأولى وحتى نهاية العرض بأجواء قريبة من سيرة الهلالي وألف ليلة وليلة، متسلحاً بخصوصية الحكواتي الآتي من إرث جنوب تونس. خوخةوسرد على السامعين حكاية خوخة التي بطلاها حبيبان هما خالد وخديجة اللذين لم يتوج حبهما باللقاء، بدافع يتم خالد الذي ربته خالته مبروكة أم خديجة كابن لها، والتي كانت تقسم الخوخة المشوبة بالحمرة مناصفة بينهما. وتسببت وفاة مبروكة بفراقهما، وتحديداً بعد مراسم الأربعين.. حيث قال له زوج خالته اليوم صار لازم نطردك، صرت رجال ليمضى خالد مكلوم القلب مكوياً بسم العقارب، يهيم بحزنه وهو يناجي حبيبته، ليتعاطف معه القمر ويأخذ خديجة من أهلها ويبقيها عنده حتى وصول خالد. وتجلى حزن القمر في خسوفه وغيابه 8 سنوات، امتطى خلالها خالد جريد النخل وحلق باتجاه القمر، ونزل ضيفاً على قافلة سيد السحاب الذي أكرمه. ولم يحسب خالد أن للسماء سلاطين فمنهم من أكرمه وتعاطف مع حكايته ومنهم من غرّمه مخالفة سرعة ليقف أمام قاضي السماء ويُغرّم بمبلغ نقدي. آسر الزبيدي ببراعة وتلون أدائه وحنكته كممثل ومخرج وشاعر، الحضور ليرحل بهم إلى عوالم تطرب الروح عبر صوته الجهوري، والكلمة التي كانت كجمالية ألحان المقامات بين جواب وقرار بجرسها وتناغمها مع إيقاعات الدف، والتصعيد الدرامي، والشلاّت أو المواويل التي تخللت السرد. ربع ساعة وبعد انتهاء عروض الفرقة اليابانية توجه الجمهور بزخم حماس العرض السابق، إلى مونودراما جلال الدين الرومي ليترجم التركي مهمت نوري أركان بالرقص التعبيري النصائح السبع التي تشكل أساس فلسفة العالم والفيلسوف والشاعر الرومي، وما زاد من فضول الجمهور الذي دخل العرض قراءته لنبذة عن النصائح المذكور في الكتيب، ليتابع الجمهور أداء أركان التعبيري الراقص الذي يعكس براعته على مدى ربع ساعة. وحينما أدرك أن سينوغرافا العرض لا تأخذه إلى حيز خارج فضاء الخشبة والأداء الذي يكرر نفسه، تحول تركيزه على شاشات الهاتف المتحرك آملاً بنقلة جديدة تأخذه إلى فضاءات جديدة خارج إطار الإضاءة، وسرعان ما بدأ الحضور بالانسحاب تباعاً والمعنيون بالفنون في مقدمتهم. والمطب الذي وقع فيه العرض الذي أنتجه مركز الهيئة الدولية للمسرح في الفجيرة ومسرح بينتد بير للإنتاح التركي، وأخرجه إمري إيردم، بإشراف الدراماتورجي جيل كارابيكر، يكمن في كاريوغرافي الرقصات التي صممها إيبرو كانسيز.