في التاسع عشر من هذا الشهر توفيت الكاتبة الأميركية هاربر لي. بعد رحيلها الهادئ في إحدى دور كبار السن في ولاية ألاباما الأميركية بساعات، رحل الروائي الإيطالي أمبورتو إيكو في منزله بهدوء أيضاً. قدم أمبورتو إيكو للعالم رواية اسم الوردة عام 1980 والتي تقع أحداثها في دير للرهبان في القرن الرابع عشر الميلادي بأسلوب تاريخي فذ استغل فيه إيكو ولعه وعلمه الغزير بحقبة العصور الوسطى . في الرواية تماهي ووجود لشخصية الكاتب الأرجنتيني بورخيس في شخصية جورج أمين المكتبة والناسك الأعمى بالإضافة إلى إبداعه في نسج حبكة الأحداث وأسلوب التحقيق في جريمة القتل الذي يشمل القارئ أيضاً. لإيكو أيضاً نصوص أدبية أخرى منها بندول فوكو وجزيرة اليوم السابق وباودولينو ومقبرة براغ وأخيراً رواية العدد صفر، إلا أن رواية اسم الوردة تبقى الأهم والأكثر شهرة من بينها جميعاً، خاصة بعد أن تم تحويلها إلى عمل سينمائي عام 1986 من بطولة النجم الأميركي شون كونري. يُعد أمبورتو إيكو من الكتاب المجتهدين، إذ عُرف عنه دقته في العمل الأدبي خاصة في مرحلة بناء الرواية. مثلاً، قبل كتابة اسم الوردة اعتكف عدة أسابيع طويلة على رسم وتصميم الدير حتى أدق تفاصيله دون أن يُهمل المناخ والبيئة المحيطة وطقوس حياة الرهبان في تلك الحقبة من الزمن. كان إيكو يخلق العالم الذي سيكتب عنه بين يديه، يحوله مادة ملموسة سهلة التشكيل قبل أن يشرع في كتابتها ووصفها. لا عجب إذاً أن كل من قرأ اسم الوردة وجد فيها نوعاً من الدقة والقُرب الذي لا يتوفر في كثير من الروايات العظيمة، الشيء الذي يعترض عليه البعض ممن يُفضلون للكاتب ترك مساحة لخيالاتهم، ودون أن يقفز إيكو صغير إلى عقولهم فيوجهها أينما نظرت. على عكس إيكو، لم تنشر هاربر لي سوى رواية واحدة في حياتها، هي أن تقتل طائراً بريئاً عام 1960 والتي حصلت من خلالها على جائزة بولتزر ثم عام 2007 على الوسام الملكي للحرية لمساهمتها في الأدب بعد أن أصبحت روايتها من رموز الأدب الأميركي التي توثق لمعاناة السود والتي تحولت إلى فيلم سينمائي أيضاً عام 1962. كتبت أوبرا وينفري يوم رحيل هاربر لي على حسابها في تويتر: هاربر لي أول كاتبة مفضلة بالنسبة لي. حاولت مراراً إجراء مقابلة معها، إلا أنها أجابت:عزيزتي، سبق وأن حكيت كل ما لدي قوله.