بإيجاز شديد وبصراحة أوسع، تحدث الدكتور رياض ياسين، وزير الخارجية اليمني السابق لـ«الشرق الأوسط» عن جملة من التطورات على الساحة اليمنية، على أكثر من صعيد، فقد أكد أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يسعى إلى التوصل إلى اتفاق تسوية سياسية بين الأطراف المتنازعة، الحكومة الشرعية والمتمردين، مهما كان نوعها، وأنه يكرر ما أقدم عليه سلفه المبعوث السابق، جمال بن عمر. وقال ياسين إن إيران تسعى جاهدة إلى جعل الحوثيين جزءا من الحل، مستقبلا، وذلك لخلق دولة داخل الدولة اليمنية، كما يحدث في لبنان، وإنها فشلت في أن تدخل اليمن في حرب طائفية، بين سنة وشيعة، رغم كل محاولاتها لإقناع بعض الأطراف الدولية بأن هناك مظلومية بحق الحوثيين، في إشارة إلى دور دبلوماسي دولي تقوم به طهران، دعما للمتمردين الحوثيين لدى بعض الأطراف الدولية. وعرج الحوار مع الوزير السابق رياض ياسين على الأوضاع في وزارة الخارجية والسلك الدبلوماسي، في ظل الحديث بأن معظم السفارات اليمنية في أوروبا تدار من قم في إيران، وكذا على الأوضاع الأمنية في عدن، وموضوع عودة الحكومة والأوضاع الأمنية في المحافظات المحررة ودور قوات التحالف في دعم الحكومة الشرعية، وغيرها من القضايا، فإلى نص الحوار: * يلاحظ المراقبون أنه كلما تقدمت قوات الشرعية في الجبهات وعلى الأرض، عاد دور الأمم المتحدة للظهور بحثا عن مباحثات سياسية.. ما الذي يحدث؟ وبم يفسر ذلك؟ - يبدو أن المبعوث الدولي (إسماعيل ولد الشيخ أحمد) يرغب في الوصول إلى اتفاق كيفما كان، وكأنه تكرار لما كان يريده المبعوث السابق جمال بن عمر، كأنه لا يهمهما أن الاتفاق (أي اتفاق) واقعي وقابل للتنفيذ أو الاستدامة، فاعتبار النجاح أنه في الوصول إلى أي اتفاق وتثبيت أمر واقع مجحف، أمر مناف لكل مبادئ وقرارات المجتمع الدولي الخاصة بتجريم استخدام العنف والقوة المسلحة لفرض أمر واقع وحل سياسي، وهذا يعني اعترافا وشرعنة للانقلاب ويعني أن الباب أصبح مفتوحا على مصراعيه لأي ميليشيات مسلحة أن تستولي على ما تريد وتفرض ما تشاء بالقوة. * هل تعتقد أن لدى الشرعية رضا عن أداء ودور الأمم المتحدة والوسيط الأممي، خاصة في ظل عدم وجود أي نوع من أنواع الضغوط على المتمردين لتنفيذ القرارات الأممية؟ - لا أعتقد أن هناك رضا كاملا أو اقتناعا، خاصة أن المطلوب أساسا هو الضغط على ميليشيات الحوثيين وميليشيات صالح للالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216).. لا بد من التلويح الصريح من قبل الأمم المتحدة لتفهم ميليشيات الحوثي وصالح أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة لن يستمر في مراعاتهم إلى ما لا نهاية وأنه لا بد من الإقرار لتطبيق البند السابع وعدم الاعتراض على ما تقوم به دول التحالف من عمليات عسكرية لإنقاذ اليمن ما دام الحوثيون مستمرين في حصار تعز واحتلال المناطق واستخدام العنف والقوة. * ألا توجد بعض الأطراف الدولية تحاول أن تطرح بعض الأفكار للتوصل إلى تسوية؟ - كل الأطراف الدولية مجمعة علنا على تنفيذ قرار الأمم المتحدة 2216، ووجود بعض الأفكار والرؤى المختلفة متوقع وبعضها إيجابي، ولكن هناك اجتهادات ضبابية، وحتى تلك، تتلاشى ولا ترى النور أمام التعنت والعنجهية المستمرة من قبل الحوثيين وصالح وإيران. * هل حاولت إيران، بأي طريقة أو عبر بعض الأطراف، أن تطرح مقترحات لحل، ربما تسعى من خلالها إلى الإبقاء على الحوثيين كقوة كبيرة في الساحة اليمنية، في ظل تسوية سياسية؟ - إيران تحاول جاهدة في هذه المرحلة أن تبقي الحوثيين جزءا من الحل لخلق دولة داخل دولة كما يحصل في لبنان من قبل حزب الله، طبيعة الميليشيات الاستعجال والنفس القصير، وسيكون من الخطأ الجسيم أن تعطى الميليشيات، التي تشكل أقل من 2 في المائة من الشعب اليمني، حقا أو سلطة أو موقعا متميزا في تسوية سياسية، بينما تهمل القضية الجنوبية وهي الأساس في الحل في المشكل اليمني. * علي عبد الله صالح.. منذ متى ارتمى في حضن إيران.. أم أنه «تحالف الضرورة»؟ - ارتمى المخلوع في تحالف الطمع والهلع والغرور لاستعادة السلطة غير مدرك أن الكيل قد طفح بالشعب اليمني وأنه لن يكون مقبولا داخليا ولا خارجيا بعد كل الدمار الذي سببه في الجنوب والشمال. * هل تمكنت إيران، فعلا، من خلق بؤرة طائفية في اليمن.. أم أن مشروعها فشل؟ - إيران فشلت في أن تدخل اليمن في أتون حرب طائفية بين سنة وشيعة، رغم كل محاولاتها لإقناع البعيدين عن المشهد في اليمن بأوهام المظلومية، وكان لعاصفة الحزم الدور الحاسم في إفشال المخطط التوسعي الإيراني. * هناك حديث - هذه الأيام - بأن معظم السفارات اليمنية في أوروبا تدار من قم بإيران.. ما الذي حدث؟ ولماذا لم تقم الحكومة الشرعية بمعالجة الأمر.. أم أن هناك أطرافا دولية تضغط للحيلولة دون ذلك؟ - رغم كل الصعوبات وانعدام الإمكانات أعتقد أنني قد نجحت في المحافظة على مؤسسة الخارجية والدبلوماسية اليمنية ولم تنهَر كبقية المؤسسات وعملت، بكل الجهد، على أن تبقى كلها مؤيدة الشرعية ولم يستقل أحد أو ينشق سفير أو تعلن سفارة الانشقاق، كما حصل في 2011، في سوريا أو ليبيا أو غيرهما.. بقية الدبلوماسية اليمنية تدين بالولاء للوطن والشرعية وهذا إنجاز حقيقي في ظروف استثنائية وصعبة، وبالتأكيد تم رصد بعض الخروقات أو الميول للحوثيين وصالح، ولكن تبقى هي المؤسسة الوحيدة الصامدة.. إذا ما حدث اليوم من اختراقات للسفارات اليمنية فهي متوقعة في ظل استمرار غياب وتهميش لكوادر يفترض إعادتها والاستفادة منها وليس إعادة تدوير الموالين لصالح والحوثي. * ما العائق باعتقادك أمام عودة الحكومة إلى عدن؟ - لا يوجد عائق فعلي، وعلى الجميع تحمل مسؤوليته في هذه المرحلة الصعبة، لا بد من إرادة ورؤية لمواجهة التحديات وأعتقد أنها فرصة لمن يريد بالفعل بناء مؤسسات دولة مدنية وليس القيام بالحد الأدنى للاستمرار بالمنصب، والتحالف العربي يقوم بدعم الأمن والاستقرار والبناء وإذا لم يواز ذلك تعاون وتجاوب من أبناء اليمن والمناطق المحررة خصوصا والبقاء في دوامة الخطوات الترقيعية، ستكون النتيجة سلبية وسوف تستغلها أطراف متعددة أسوؤها الإرهابيون والمتطرفون.