محمد أحمد عطيفة كانت ألوان جازان جميلة بزرقة البحر وخضرة أشجارها.. وكانت رائحتها زكية ببياض فُلِّها وجمال كاديها وروعة مناظر نباتاتها العطرية. كانت جازان تنام على مواويل البحر.. وعذوبة شعرائها.. وطيابة من تربى على أرضها. لقد عُرفت جازان بكل جميل.. وكل رائع.. فكل صوت جميل كانت ترسله جازان.. وكل علم مفيد كان مصدره جازان.. وكل أنواع الحب كانت عناوين جازان. لقد سموها بكل الأسماء الجميلة.. سلة خبز المملكة.. أرض الشعراء.. صوت المواويل.. مدينة التراث.. مزمار العاشقين.. وأكثر من ذلك. لقد شملت جازان كل التضاريس الجميلة.. تسهر على شاطئ البحر.. تستمع بمواويل أمواجه.. وتتكئ على مرتفعات فيفا والداير والحشر.. تستمع بأصوات العز وكبرياء الصبر. وفي جازان كل ملذات الدنيا.. لا تعترف بحدود.. لا تعترف إلا بالوطن.. تستقبل بابتسامة كل من يقصدها.. وتضم بحنان كل من يقترب. كل هذا وأكثر من جماليات الدنيا في جازان.. البساطة عنوان أرضها.. والحب عنوان صوتها.. والجمال عنوان منظرها. لكن ثمة شيء بدأ يجتاحها بكل ألم ومرارة.. بدأ يغير ألوانها البريئة إلى لون لم تألفه جازان. ثمة تحول غريب بدأ يتغلغل في ثنايا أيامها ليحولها إلى أرض أخرى غير التي كانت عليها. ثمة لون غادر بدأ يلطخ أيامها بالحزن والتعب والألم. لقد أصبحنا ننام على مصيبة.. ونستيقظ على أخرى. لم نفق من صدمة مستشفى جازان حتى داهمتنا صدمة مؤلمة أخرى وهي صدمة الداير التي غطت سماء الغصة بلون الحزن.. وقبل أن نحاول تجاوز حزن الداير تلاحقنا مأساة طفل الأحد الذي نحره أبوه الذي تخلى عن كل معالم الرحمة والحنان والعطف ونثر دم ابنه على قلوبنا فحولها إلى حزن بعد حزن. أيتها المنطقة الجميلة الهادئة من الذي جعلك تستبدلين لون الجمال بلون الحزن؟ أيتها المنطقة الساكنة في مواويل الحياة لماذا أصبح كل شيء فيك يوسع قلوبنا ألماً وتعباً. ياجازان يكفي.. عودي كما كنت.. عودي بألوانك الزاهية.. ألوان الجمال.