دخل إلى مكتبي تسبقه رائحة عطره النفا ذ وعلامات نعمة متوارثة كابراً عن كابر تشي بها هيئته المرتبة ابتداءً من ملابسه الحريرية وشماغه المنشى وليس انتهاءً بخاتمه الأحمر الزمردي ، كان في منتصف الستينات من العمر مع أنه كان يبدو أصغر من ذلك ، كانت يده تقبض على ورقة صفراء قديمة ، وما إن أسند ظهره إلى الكرسي المجاور حتى أقبل على ورقته تلك يقلبها يمنة ويسره وهو ينظر إليّ ويقول هل تستطيع أن تساعدني في إيجاد قطعة أرضي والموضحة حدودها في هذا الصك . تصفحت ذلك الصك المهترئ رغبة مني في مساعدة الرجل في إيجاد أرضه الضائعة ولكني لم استطع أن أفك رموزه وطلاسمه فقد كان مكتوباً بخط اليد وأكثر سطوره قد سطى عليها الزمن فأصبحت أثراً بعد عين . بعد أن اعتذرت من الرجل وخرج بصكه وعطره ونعمته وقفت متفكراً في حال الكثيرون من ملاك الأراضي البيضاء والتي تبقى لسنوات عديدة من دون أن يتم الاستفادة منها أو عرضها للبيع ، حينها تساءلت بيني وبين نفسي ماذا لو أن الدولة قامت بفرض رسوم رمزية على هذه الأراضي البيضاء وخاصة تلك التي تقع داخل النطاق العمراني ، والتي حرص أصحابها على عدم بيعها لسنوات طويلة رغبة في زيادة أسعارها مع مرور الوقت ؟ هل كنا سنجد مثل هذا الشخص الذي ضيّع موقع أرضه ولم يعد يعرف في أي حي أو في أي شارع ، ثم أن تجميد الأموال في هذه القطع من الأراضي لسنوات كثيرة له أثاره السلبية على ازدياد أسعار العقار وعلى حركة البيع والشراء واحتكار السوق . إن فرض الرسوم على هذه الأراضي حتى لو كانت هذه الرسوم رسوماً رمزية لهو كفيل بالمساهمة في حل الكثير من مشاكل سوق العقار والتي يأتي في مقدمتها غلاء الأسعار وارتفاعها إلى أرقام فلكية أدت إلى عجز الكثير من المواطنين وعدم استطاعتهم على امتلاك الأرض المناسبة والمسكن المناسب . حسن الشمراني رابط الخبر بصحيفة الوئام: مضيّع أرضه / أحمد الشمراني