الزعيم الشاب، غريب الأطوار، في كوريا الشمالية، قرر أن لا ينقضي العام المنصرم دون أن يضع بصمته التاريخية الخاصة. في الأخبار، وحسب متابعة الصحافي النابه (كمال قبيسي) في (العربية)، فقد كشفت صحيفة صينية، الخميس الماضي، أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون، قام بتصفية زوج عمته الشهر الماضي بطريقة من زمن العصور الوسطى، لكنها الآن مبتكرة: فقد جردوه عاريا بالكامل من ملابسه مع 5 آخرين تم الحكم عليهم بالإعدام مثله، ثم زجّوا بهم في قفص كبير، كانت تنتظرهم فيه مجموعة كلاب برية تم تجويعها مسبقا، وانتهشتهم في مشهد دموي. وأوردت الصحيفة، أن الزعيم الكوري الشمالي نفسه أشرف على تصفية زوج عمته تشانغ سونغ - ثايك، البالغ عمره 67 سنة، مع رفاقه، وراح ينظر إليهم والكلاب تهاجمهم وكان معه 300 من كبار المسؤولين، من مدنيين وعسكريين. الموت هو الموت، ولكن هذه العقوبة المتوحشة ليس الغرض منها الإماتة فقط، بل هي رسالة مرعبة ومقصودة، هذا في المقام السياسي، ثم هي استجابة مريضة لنفسية معتوهة، تجد اللذة في الإتيان بما لا يخطر على البال. في الحروب والصراعات السياسية تحصل أشياء مقززة من هذا النوع، ويكون التفنن في القتل والتقطيع والحرق والتغريق والإطعام للضواري والجوارح والأسماك المفترسة، سلوكا يتجاوز السياسة إلى الهمجية البدائية. ما فعله مجنون كوريا الشمالية دليل على أن هذا النوع من الهمجية ليس حكرا على جنس دون جنس أو مجتمع دون آخر. نتذكر ما فعله عبد الحميد السراج في سوريا ولبنان، والقذافي وصدام، وغيرهم. بشار الأسد وشقيقه ماهر يفعلون الآن فظائع من هذا النوع في سجون المخابرات المتعددة، ويفعل شبيحتهم أكثر من هذا في الهواء الطلق، ويوتيوب طافح بمثل هذه المقاطع المقززة، الطعن المتدرج بالسكين والحرق البطيء بالنار، وقطع الأوصال. مثل بشار وماهر وشبيحتهما، تفعل أيضا جماعات القاعدة مثل داعش، فهي تمارس قطع الرؤوس ونزع القلوب، والإعدامات الهمجية الميدانية، ثم الاعتذار لاحقا من بعض الأخطاء! هذا السلوك المتوحش غريب ومخيف في مدى كشفه عن الدرك الذي يمكن أن يصل إليه الإنسان في همجيته. إنها حالات انهيار أخلاقي عام، وافتراس منهجي للذات. ما يحزن أن ما فعله مجنون كوريا الشمالية يظل مرتبطا به، وبزواله هو كفرد، ربما لن تتكرر هذه الفظائع، لكن ما يجري الآن لدينا في سوريا والعراق والصومال، وحتى مصر واليمن، هي أفعال جماعية مؤسسة على تنظير وثقافة. كتاب (موسوعة العذاب) للعلامة العراقي عبود الشالجي، المكون من 6 مجلدات، يذكرنا بما حواه تراثنا حول ثقافة التعذيب. فعل الجماعات الممنهج، هو الخطير، لا فعل معتوه فرد كطاغية بيونغ يانغ. * نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية ** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.