×
محافظة مكة المكرمة

أمطار متوسطة على جدة.. والدفاع المدني يعلن استعداده للطوارئ

صورة الخبر

لا يمكن التجول في أرجاء العاصمة الإيطالية روما وطرقاتها العتيقة، من دون الشعور بأنك تعيش في متحف حي، تحمل فيه كل قطعةِ حجرٍ تطأ عليها قدماك حكاية تعود إلى آلاف السنين، هي مدينة تحمل حكايات مضت، عن حب، وفن، ونصر، ودم. عن زلازل، وحرائق وأوبئة وهتافات جماهير غاضبة تارة، ومحتفية تارة أخرى. هي المدينة الوحيدة التي تستطيع أن تقنعك بأساطيرها، تلك التي يحكيها لك الرومانيون، من سائق سيارة أجرة فخور بجذوره الأصيلة التي تعود إلى هذه المدينة لا لغيرها، أو من مرشدة سياحية شابة زارت المدينة قبل سنوات مضت، ولم تتركها منذ ذلك الوقت، واقعة في غرام روما وسحر حكاياتها التي ترويها هي اليوم للسياح، أو نادل يقدم لك القهوة، ويقسم لك بأنه لم يجرؤ في حياته على وضع يده في بوكا ديلا فيريتا أو ما يعرف بـفم الحقيقة، وهي الأسطورة التي تقول إن هذا الفم الذي يعود لوجه رخامي أثري، قد يقطع يدك إن كنت كذاباً. هي المدينة الوحيدة التي تستطيع أن تقنعك بأساطيرها، تلك التي يحكيها لك الرومانيون، من سائق سيارة أجرة فخور بجذوره الأصيلة، أو من مرشدة سياحية زارت المدينة قبل سنوات مضت، ولم تتركها منذ ذلك الوقت. رحلة رومانية قد يكون اختزال روما، بكل ما تحمله من حكايات ومعالم سياحية ذات تاريخ سحيق، في موضوع واحد، أمراً مستحيلاً، إلا أن محبي الأفلام الكلاسيكية الهوليوودية يمكنهم التعرف على المدينة الخلابة من خلال الفيلم الرومانسي الكوميدي رحلة رومانية الذي أنتج عام 1953، من بطولة الجميلة أودري هيبورن، بطريقة ممتعة، واكتشاف روما التي لم تتغير معالمها، بعيداً عن الأرقام والتواريخ، وغنى المعلومات التي تزخر بها الكتب والمقالات والمواقع الإلكترونية، وهو الفيلم الذي تم اختياره أيضاً كمادة توثيقية تم حفظها من قبل مكتبة الكونغرس الأميركي، كونها ذات شأن مهم ثقافياً، وتاريخياً، وفنياً. قد يكون من الصعب على زائر هذه المدينة، أن يستوعب كمّ الحكايات التي يجمعها مكان واحد على مختلف العصور والحقب التي مرت عليه، صرحاً كان، أو مبنى رخامياً أنيقاً، أو تمثالاً متقن الصنع، كاتدرائية، أو جسراً، أو حتى نافورة صغيرة بمياه كريستالية، كل ما تحمله أجواء المدينة ساحر، وخيالي، وقادر على أن يسرقك تماماً من الواقع، وهو تحديداً ما يمكن أن تشعرك به النافورة الشهيرة، تريفي الممتلئة بالعملات المعدنية التي يلقيها الزوار أملاً في تحقيق الأمنيات، ما يجعلها النافورة الأشهر والأكثر ثراء، والأكبر، بارتفاع 26 متراً وعرض 20 متراً، متخذة من واجهة قصر بولي العتيق خلفية لها. وعلى الرغم من كل ما يحيط به من صروح تاريخية خارقة، إلا أن الكولوسيوم لايزال يحظى بالاهتمام الأكبر، يقف بكل ما تحمله إمبراطوريته القديمة من هيبة وبهاء، باعتباره نصباً هندسياً شديد الذكاء، سواء في الفكرة، أو التنفيذ، أو الهدف من تشييده، إضافة إلى أنه كان يعد بمثابة أداة قوية للتحكم في الحشود، بطريقة عرض مبهرة كانت تتماشى مع هيمنة روما على العالم، على الرغم من تغير الحاجة إليه مع تغير الحقب، وتحوله إلى مقر للعديد من الاستخدامات الأخرى في وقت لاحق، كمأوى، ومصنع، ومقر للنظام الديني، وقلعة، ومحجر استخدمت مواده لبناء مبانٍ أخرى، ليتحول إلى مزار، ما ساعد على حماية المبنى من أعمال السلب والنهب وضمان صيانته. وعلى الرغم من الأضرار التي أصابت الهيكل وانهيار جزء منه بفعل الزلازل، إلا أنه لايزال يجمع حشوداً مؤلفة كل يوم، يبحثون بين جدرانه وأعمدته الرخامية، التي كانت يوماً ما ناصعة لؤلؤية، حكايات لمعارك بين أسود ضارية ومقاتلين أقوياء، يستحضرون هتافات ما يقرب من 80 ألف متفرج في آن واحد، ومشهد مهيب للإمبراطور ومرافقيه الجالسين بأقرب مكان من الحلبة، ورائحة النار والأطعمة التي تحضرها النساء في أعلى طوابق المدرج، ما كان أحد أهم أسباب الحرائق التي كانت تندلع هناك، مشهد المنظمين الذين يقومون بتوزيع اللحوم والخبز والشراب مجاناً على الجمهور، ذلك التدرج الطبقي في اختيار الطوابق الأنسب للجمهور، حيث تتحول فيه المدرجات من ألوان لخامات زاهية ومذهبة يرتديها عِلية القوم، في الطبقات الأولى، إلى أخرى أكثر تواضعاً وأقل بهجة كلما ارتفعت إلى الأعلى، عاكسةً حظوظهم السيئة في الحياة بحسب مكانهم في المدرج. يمكن اعتبار الكولوسيوم أول صرح استطاع تنظيم الحشود للوصول إلى مدرجاتهم بطريقة الأرقام والتذاكر، وتوزيع دخول الجماهير عبر 80 بوابة مختلفة، يصلون إليها بحسب أرقام البوابات على تذاكرهم، وتؤدي إلى الوصول إلى الطابق المناسب لمستواك الاجتماعي ومدى قربك من الإمبراطور، كما أنه الصرح الأول الذي استخدمت فيه فكرة السقف المتحرك الذي نراه اليوم في الملاعب العالمية، لوقاية الجماهير من الشمس والأمطار، وذلك من خلال جلب بحارين رومان لصناعة سقف من قماش وحبال الأشرعة التي ثبتت من جهاته المستديرة كاملة، والتي يتم سحبها بطريقة الطي أو مدها بحسب الحاجة. يمكن لزائر الكولوسيوم اليوم أن يرى الحُجرات والسجون والممرات التي كانت يوماً ما مخفية عن الجمهور، تحت أرض الحلبة، وهو المكان الذي كان يضم العبيد والمقاتلين والوحوش الضارية الجائعة، حيث كانت الأخيرة تخرج للجماهير من تحت أرض الحلبة بطريقة المصاعد التي ترتفع وتهبط عبر دواليب كبيرة يدفعها العبيد آنذاك. تعتبر روما واحدة من أكثر مدن العالم السياحية شهرة لكل ما سبق ذكره، ولكل ما تزخر به المواقع الإلكترونية السياحية والمهتمة بالتاريخ والفنون، وهو ما يجعلها أيضاً واحدة من أكثر المدن التي تزخر بأعداد فنادق كبيرة تتنافس على مواقعها الاستراتيجية بالقرب من المعالم السياحية المهمة، والمناظر التي تطل عليها واجهاتها، وهو ما يجعل تلك التي تحظى بمكانة تاريخية، خياراً ذكياً، مثل فندق غران ميليا، الذي يعرف أيضاً باسم فيلا أغريبينا، الذي بني على أساسات دير قديم لم تتأثر أروقته وأسقفه بعمليات تطوير الفندق الذي اكتشف خلال عملية إنشائه أنه كان أيضاً مقر سكن الإمبراطورة الشهيرة والأكثر جدلاً أغريبينا الصغرى والدة الإمبراطور نيرون (15 ميلادية) ومحل ولادته، وهو الاكتشاف الذي أوقف عملية الإنشاء لفترة قاربت العقد من الزمان، ما يجعل هذا الفندق، الذي يبدو على شكل فيلا عصرية، إحدى الوجهات التي تحمل أروقته الكثير من الحكايات، بينما تتميز أجنحة الفندق بالعديد من اللوحات المصنفة في موضوعاتها بحسب الطابق، ولكل طابق من طوابق الفيلا السبعة موضوع معين، تندرج تحته لوحات الغرف، مثل طابق الطبيعة، واللقاء، والأنوثة، والرجولة، والأبطال الخارقين في الأساطير، والجمال، والحب، ما يضيف للزائر في كل مرة فرصة التعرف من جديد على المكان ورؤيته من زاوية مختلفة، ومزاج مختلف. إضافة إلى ذلك فإن الفيلا تقع في واحدة من أهم المناطق التاريخية وهي جيانيكولو، التي تعد أحد أكثر المناطق السياحية زيارة، وهي أيضاً على بعد خمس دقائق سيراً على الأقدام من الفاتيكان، الذي قد يتعرف عليه السائحون العرب بشكل أكثر متعة بعد مشاهدة فيلم ملائكة وشياطين من بطولة توم هانكس، وساحة نافونا الأشهر بمقاهيها ومطاعمها وأزقتها التي تجمع مزيجاً، ساحراً لا يتجزأ، من التاريخ والفنون. قد يكون من الصعب على مدينة تعود إلى 2500 عام مضت، أن تحظى بما يكفي من التجديد والتطوير في بناها التحتية، وربما الإقدام على ذلك قرار متهور يمكن أن يكون سبباً في ضياع الكثير من الآثار والكنوز التي لاتزال مدفونة تحت عشرات الأمتار من سطح روما الحالي، وهو أيضاً ما يجعل الكثير من عمليات ومشروعات التطوير في المدينة يتوقف لسنوات عديدة، بعد اكتشاف آثار هنا، وهياكل لقصور ومعابد هناك. تغير وتطور المشهد الديني في روما مع امتداد سلطة وهيمنة الامبراطورية الرومانية متخذاً أشكالاً متعددة، إلا أن الأمر لطالما أخذ شكلاً مرناً مال إلى فكرة التسامح الديني والتأثر بالشعوب الأخرى المجاورة التي تسيطر عليها الامبراطورية. ومع سيطرة المسيحية في بداية القرن الثاني، بدأ آباء الكنيسة شجب مختلف الممارسات الدينية التي يقوم بها الناس في أنحاء الإمبراطورية، ووصفوها بالـوثنية، وفي بداية القرن الرابع، كان قسطنطين الأول، أول إمبراطور يعتنق المسيحية، وبدأ عصر الهيمنة المسيحية. وتحت حكم ثيودوسيوس الأول في عام 391 أصبحت المسيحية الدين الرسمي لروما وتم التخلص من الديانات الأخرى. وبذلك أصبحت المسيحية التوحيدية علامة بارزة لهيمنة الإمبراطورية، الأمر الذي كان له تأثير كبير في تغير الملامح الأثرية لهذه المدينة، حيث تعرض الكثير من المعابد والصروح التي أقيمت في روما قبل المسيحية، للإهمال الشديد الذي وضعها في مواجهة عوامل الزمن، وكانت الزلازل التي مرت بها المدينة تاريخياً أحد أهم أسباب انهيار الكثير من الآثار القيمة لروما ما قبل الميلاد، ما يجعل المدينة اليوم منجماً لايزال قيد الاكتشاف للمزيد من الآثار لروما ما قبل الميلاد.