توقع عدد من الخبراء العسكريين البريطانيين ألا يمر قرار الهند إلغاء صفقة مروحيات بقيمة 466 مليون جنيه استرليني مع الشركة الإيطالية - البريطانية "أوجستا ستلاند" مرور الكرام، فالسبب المعلن من قبل نيودلهي لإنهاء الصفقة هو قيام الشركة برشوة مسؤولين هنود من بينهم قائد القوات الجوية الهندية لإتمامها وهو ما اعتبر "انتهاكا للأمانة". وقد أثار قرار نيودلهي حفيظة لندن، وحملت تصريحات دفيد لوز وزير التعليم، بشأن هذه القضية شكوكا حول حكمة القرار الهندي وصرح لوسائل الإعلام قائلا " أعتقد أنه كان من الأفضل إعطاء الوقت لمزيد من التحقيقات، للتأكد من صدق المزاعم بشأن تقديم شركة "أوجستا ستانلاند" رشوة لمسؤولين هنود لعقد الصفقة، قبل أن تقوم نيودلهي باتخاذ أي إجراء". ويعتقد عدد من المتخصصين في الشؤون العسكرية أن "أوجستا ستانلاند" ستقوم بمقاضاة الحكومة الهندية على إلغاء الصفقة التي تتضمن 12 طائرة هليكوبتر والتي يعود تاريخها إلى عام 2010. ويشير الخبير العسكري بيتر ألين لـ "الاقتصادية"، إلى أنه من المؤكد الآن أن الشركة البريطانية – الإيطالية سترفع قضية أمام القضاء بشأن الاتهامات الهندية، فنيودلهي لم تقدم وثائق قاطعة الثبوت على الاتهامات التي ساقتها. وحول تأثير عملية الإلغاء في مستقبل شركة "أوجستا ستانلاند" والتي تعد إحدى وحدات مجموعة الصناعات العسكرية الإيطالية "فنميكانيكا"، يضيف بيتر ألين، أن العقد وصف عند توقيعه في عام 2010 بأنه عقد مهم للغاية، ويضمن قدرة الشركة على الحفاظ على قوة العمل لديها المقدرة بـ 3280 عاملا ومهندسا، كما تدعم نحو عشرة آلاف وظيفة أخرى عبر سلسلة التوريدات التي تحصل عليها من نحو 650 مؤسسة صغيرة ومتوسطة الحجم، فضلاً عن أن الشركة أفلحت الشهر الماضي في توقيع عقد مع النرويج لتزويدها بـ 16 طائرة هليكوبتر من طرازAW101. والأخطر من وجهة نظر الخبير العسكري بيتر ألين، أن القرار الهندي يمثل ضربة قاسية لطموحات المملكة المتحدة لتصبح مركزا لتصنيع المعدات ذات القيمة العالية كالمروحيات. وثارت شكوك بشأن دفع شركة "أوجستا ستلاند" رشوة لمسؤولين هنود لإتمام الصفقة قبل أن تبدأ في التصاعد في شباط (فبراير) الماضي في أعقاب تساؤلات عن الأسباب التي دفعت بوزارة الدفاع الهندية لتغيير المواصفات المطلوبة في كراسة الشروط والتي كانت تتضمن في نسختها الأولى مروحيات قادرة على الطيران على ارتفاع ستة آلاف قدم. وقد اعتقل كل من جوزيبي أورسي، الرئيس السابق لشركة "فنميكانيكا" والتي تعد "أوجستا ستلاند" إحدى فروعها، كما تم اعتقال برونو سبونجليني الرئيس التنفيذي السابق لشركة "أوجستا ستلاند" عند توقيع الصفقة في 2010، وكلاهما يحاكم في إيطاليا حاليا بتهمة الاحتيال والفساد، بينما يواجه إس بي تياجي قائد القوات الجوية الهندية السابق، اتهامات بشأن تورطه في إتمام الصفقة. ودفعت الحكومة الهندية بالفعل 45 في المائة من قيمة العقد وتسلمت ثلاث مروحيات، وقامت شركة "أوجستا ستلاند" بتصنيع ثلاث مروحيات أخرى لكن لم تتسلمها الهند بعد، ويتوقع أن يتم الانتهاء من المروحيات الست المتبقية قريبا. ومع تصاعد الاتهامات الهندية لها، طالبت شركة "أوجستا ستلاند" بالتحكيم لتسوية الخلاف، لكن نيودلهي رفضت وقامت بإنهاء الصفقة، ورجحت مصادر بريطانية أن الهند ربما تفضل الاحتفاظ بالمروحيات الثلاث التي تسلمتها مع استعادة جزء من الأموال التي دفعتها، ولهذا حرصت وزارة الدفاع الهندية في بيانها على استخدام كلمة "إنهاء" وليس " إلغاء" للصفقة المثيرة للجدل. ويؤكد الخبراء أنه إذا حكم القضاء لمصلحة الهند في تلك القضية، فإن شركة "أوجستا ستلاند" ستوضع على القائمة السوداء لوزارة الدفاع الهندية لمدة عشر سنوات على الأقل.