وردني اتصال هاتفي في تمام الساعة السابعة صباحا (يا لله علم خير) لسيدة فاضلة قالت بأنها لم تنم ليلة البارحة من فرط حزنها الشديد على حال أخيها الشاب ذي الأربعة والعشرين عاما، والذي قاده القدر للوقوع في ورطة كبيرة، من المستحيل أن يخرج منها بسلام، هي تعترف في قرارة نفسها بأنه أخطأ حاله حال شباب هذه الأيام، ولكن (كان بالإمكان أفضل مما كان) إنها تتحسر على شبابه ومستقبله اللذين سيضيعان خلف القضبان وتتألم لمصير عائلته الصغيرة (زوجته وابنه) حين يعانيان الأمرين في غيابه !! مضت السيدة بصوتها المتحشرج قائلة: نصبوا له الفخ في أحد الأسواق بعد أن أخذت منه الفتاة موعدا للقاء فما إن اكتشف أهلها علاقتها بالشاب حتى تقمصت دور الضحية مدعية بأنه اخترق إيميلها وساومها على صورها في حين أن الشاب الذي أوسعوه ضربا وهو حاليا سجين رهن التحقيق، يحلف بالله العلي العظيم أنها هي من ابتلته في عمره ولاحقته باتصالاتها المزعجة حتى ضعف أمامها، ومع هذا لم تتعد علاقتهما النظرة من بعيــد، معترفـــا بأنه كان يغدق عليها الهدايا وبكل رحابة صدر وسخـاء (يحول لها رصيد) !؟ صمتت السيدة قليلا ثم قالت: منذ سماعنا للخبر ووالدتي طريحة الفراش، أما زوجته فقد حضر والدها وأخذها معه مرددا بأنه لم يعد يشرفه مصاهرتنا، فيما لم يكف الابن الصغير عن السؤال عن والده، أما والدي المسن فقد أصبحت قضية أخي شغله الشاغل، وقد شرح لكافة المعنيين الظروف الصعبة التي لحقت بنا ولكن لم يرأف بحالنا أحد، ثم حاول الوصول لعناوين أهل الفتاة لمحاولة الصلح معهم وإسقاط الحق الخاص لكن لا أحد يريد التعاون معه، متذرعين بقولهم: إنه بالكاد تمت تهدئتهم ووعدهم بأخذ حقهم !! لقد تعمدت نقل أدق التفاصيل للظروف الصعبة التي واجهت أسرة وأقرباء الشاب (ليس لملء هذه المساحة) وإنما لنقف جميعا على صورة مؤثرة دائما ما تطمس بالكامل حين يتم القبض على شاب وفتاة بتهمة خلوة غير شرعية الغريب في الأمر أن من يتهمون الشاب بأنه كان (خروف) لأن الفتاة كانت تسرحه وتروحه، ومن كانوا على علم ودراية بما سيؤول إليه حال عائلة الشاب (ومع هذا لم يشفعوا له) هم أنفسهم من انصاعوا لمبررات الفتاة الواهية وهم أنفسهم من ساهموا في تذييل الخبر بعبارة (وتم تسليم الفتاة لذويها) صيانة لعرضها وخوفا عليها !! إن أقل ما يمكن وصفه للفخ الذي نصب لهذا الشاب وغيره، ما كنا نشاهده في تلك الأفلام السنيمائية (أبيض وأسود) حين يريد أحد لفت انتباه فتاة جميلة، فيتفق مع أصحابه على محاولة الترصد لها ومضايقتها فيخرج من مخبئه ويبدأ في ضربهم الواحد تلو الآخر فتفتن الفتاة به وتعجب بشجاعته ويكون بذلك قد أرضى غروره!!