×
محافظة المنطقة الشرقية

بالفيديو.. بهذه الطريقة يجند «داعش» الأطفال في صفوفه!

صورة الخبر

موضوع السرقات الشعرية أحد أهم الموضوعات النقدية القابلة للتجدّد والحياة في أي عصر من العصور، والسبب في ذلك ليس كثرة لصوص الأدب فحسب، بل لأن تهمة السرقة الأدبية لدى فئة من النقاد والمتلقين تهمةٌ مجانية يُمكن رمي الآخرين بها بسهولة ومن دون تحمّل مشقة وعناء إثبات هذه التهمة، ومن دون معرفة الحدود الفاصلة بين ما يُعد سرقة وما لا يُعد كذلك. والاطلاع على الكم الكبير من المؤلفات النقدية التي تتحدث عن سرقات شعراء العرب الكبار وسرقات شاعر العربية الأول المتنبي يؤكد صدق القول بأنها تُهمة مجانية يتساهل بعضهم في رميها، فهي تصدر لمجرد التشابه البسيط بين البيت والبيت أو القصيدة والقصيدة، أو تُستخدم سلاحاً لتصفية الشاعر وإسقاطه من خصومه. أعود إلى الحديث عن موضوع السرقات بعد قراءة عدد من التعليقات لشعراء شاركوا في برنامج (البيت) يدّعون أن أفكارهم تُسرق من آخرين وتحقق لهم النجاح، مع أنّ احتمالية توارد أفكار الشعراء وتشابه صياغتهم تزداد في الأبيات والقصائد التي يُفرض فيها الكتابة في موضوع واحد أو على قافية واحدة، إضافة إلى ذلك فضيق الوقت بين إعلان الشطر في البرنامج وبين إغلاق باب قبول مشاركات الشعراء يدفع معظمهم لالتقاط الأفكار القريبة التي لا تحتاج لإعمال الذهن وصياغتها بشكل سريع، هذا الأمر يؤدي لحدوث تشابه كبير بين أبيات الشعراء قد يصل إلى حد التطابق في بعض الأحيان، فعندما يقول الشطر المطلوب إكماله: "علاج واحد ينفع لكل الجروح"، نتوقع أن تتجه أذهان أغلب المتنافسين نحو اتجاه واحد وهو الحديث عن علاج روحي يتعلق بالدين والعبادة وعلاقة المسلم بربّه، وهو ما يحدث بالفعل. وعندما يكون الشطر هو: "لو تشوفون الحياة بعين شايب"، لا بُد أن تتسم معظم المشاركات بالوعظ وتدعو إلى الزهد في الدنيا وملذاتها! التشابه الكبير بين أبيات الشعراء وتوارد أفكارهم أمر طبيعي يفرضه معنى الشطر الأول الذي يُطالب المشارك بإكماله، هذا الأمر تحدّث عنه عدد من النقاد القدامى، منهم على سبيل المثال المظفر العلوي (ت 656ه) في كتابه (نضرة الإغريض في نُصرة القريض)، فقد رفض في بداية حديثه الحكم على بعض الأبيات المتشابهة بالتوارد ووصفها بالسرقات الصريحة، ثم عقّب قائلاً: "وإنمّا يتفق للشاعرين معنى ويلزمان أن ينظماه على قافية واحدة فربما تواردا في بعض الكلام"، وأورد بعدها نماذج لأبيات يحصل فيها التوارد عند إلزام الشعراء بالنظم في موضوع مُحدد وعلى قافية مُحددة. لكن المشكلة التي ما زالت مستمرة أن تقديرنا لما هو توارد أو ما هو سرقة يختلف باختلاف المتلقي. أخيرًا يقول محمد بن حربان: من تفارقنا وأنا كنّي لحالي ما عرفت العمر من غيرك، وربّك أجمل الايام لا مرّيت بالي يوم أحبّك قبل أقول إنّي أحبّك