ساو باولو (البرازيل) : «الشرق الأوسط» ها قد أتى أخيرا، بعد 28 سنة من الانتظار، عام 2014 الذي سيشهد عودة كأس العالم لكرة القدم إلى أميركا الجنوبية، وببداية السنة يشتد الجدل حول لطمة جديدة في ماراكانا «ماراكانازو»، يتجسد في تفوق الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي على البرازيل بقيادة نيمار. وقال لاعب كرة القدم المعتزل دنيلسون في ساو باولو: «لو كان بمقدوري اختيار مباراة نهائية في المونديال، لاخترت البرازيل والأرجنتين في ماراكانا. أعتقد أنها المباراة المرغوب فيها أكثر من جانب الجميع». واعتزل دنيلسون، وصيف كأس العالم في فرنسا عام 1998، كرة القدم أخيرا، لكنه كان ليرضى بكل سرور أن يصغر 15 سنة كي يكون واحدا من أفراد منتخب السامبا الذي يتطلع إلى اللعب يوم 13 يوليو (تموز) المقبل في نهائي ماراكانا، بحثا عن اللقب العالمي السادس. ولا يزال جرح (ماراكانازو) - الانتصار الكبير لأوروغواي على أصحاب الأرض في نهائي مونديال 1950 - غائرا في البرازيل، والطريقة الأفضل لمداواته هي الفوز باللقب السادس. وإذا ما كان ذلك على حساب الأرجنتين، فإن الفرحة ستكون أكبر. وقال دنيلسون: «أعتقد أن ذلك سيكون النهائي الأفضل بالنسبة للجميع، لأن الأرجنتين قريبة للغاية من البرازيل وهناك منافسة قوية حاليا بين الأندية البرازيلية والأرجنتينية». وأضاف: «إذا ما خسرنا، فسيكون الألم شديدا، لكن لو فزنا.. يا للاحتفالية التي سيكون عليها الأمر! ستصبح أربع سنوات من الاحتفال». وتعد الخصومة بين البرازيليين والأرجنتينيين واحدا من أقوى فصول المنافسة في عالم كرة القدم، لكن كأس العالم التي تنطلق بعد ستة أشهر تمثل ما هو أكثر من ذلك.. فالبلدان الثمانية التي حصدت اللقب منذ النسخة الأولى عام 1930 ستكون حاضرة في البرازيل، التي ستقدم خلال الفترة من 12 يونيو (حزيران) حتى 13 يوليو أول مونديال في التاريخ يقام في فصلي الصيف والشتاء في نفس الوقت. وقد يعرف البعض مونديال البرازيل 2014 على أنه كابوس لوجيستي من 12 مقرا، تضم استادات لن تكون جاهزة في الموعد المحدد ومطارات مثل ريو دي جانيرو وساو باولو تضع المسافر في نفق زمني غير محبب. ويؤكد جوزيه فيريرا نيتو، لاعب كورينثيانز السابق الذي أدهش البلاد بمهاراته مطلع عقد التسعينات، ولعب على المستوى الدولي ويعمل حاليا كمعلق لا يتورع عن قول ما يريد لقناة «ريدي باند» التلفزيونية: «هذا الأمر مضى لعوامل سياسية أكثر مما مضى بالمنطق». ويوضح: «بستة مقرات، كانت كأس العالم في بلد كبير مثل بلدنا لتمضي على نحو أفضل بكثير.. كنا وقتها لننفق أموالا أقل وبقية المال كان سيخصص لشبكات المترو والفنادق وأشياء أخرى أكثر أهمية». ويضيف نيتو عندما يتحول إلى الجدل المتعلق بكرة القدم: «بالنسبة لي، من سيفوز بالمونديال هو ألمانيا.. لديها المنتخب الأفضل، لأنها منذ 2006 وهي تصنع فريقا قويا بلاعبين شبان». لكن قدرات ألمانيا، ومهارات إسبانيا المدافعة عن اللقب، وتاريخ منتخبات أخرى مثل إيطاليا وهولندا، لا تتمكن جميعا من تخفيف حدة الجدل المتعلق بذلك النهائي المنتظر في الأحلام بين البرازيليين والأرجنتينيين في ماراكانا. وتحلم الأرجنتين بلقب عالمي ثالث، ولديها ميسي، أفضل لاعبي العالم القادر على إحراز الأهداف بمعدلات قياسية. وسيكمل ماركوس دي أزامبوجا، السفير البرازيلي الأسبق لدى الأرجنتين ونائب وزير الخارجية الأسبق، عامه التاسع والثمانين في غضون شهر، لكن ذاكرته تحفظ بالتفصيل ذلك الفوز الذي حققته أوروغواي في 16 يوليو 1950 في معبد كرة القدم البرازيلي، يرافقه والده وجده بينما كان عمره 15 سنة حينها. وأثرت تلك التجربة على حياته كلها لاحقا. وأوضح الدبلوماسي أن «الجماهير دخلت بسعادة كبيرة وخرجت ربما بأعمق صمت عرفته في حياتي. لم أعش قط في أي كنيسة أو مقبرة أو مستشفى، ذلك القدر من الصمت الذي اختبرته في تلك الدقائق». وقال: «كان صمتا مطلقا، لأن الأوروغويانيين لم يكن يمكنهم الاحتفال. أتخيل أنه ما من بطل أوروغوياني في حضور 200 ألف برازيلي أصابتهم لوثة الجنون كان يمكنه التفوه بشيء. الهزيمة جاءت في الشوط الثاني، 30 دقيقة انهار فيها العالم». ويصف أزامبوجا بدقة فنان أوجه الاختلاف بين بلاده وجارتها التي يشعر تجاهها بحب جارف قائلا: «البرازيل بلد مبتهج بصورة غير مسؤولة، والأرجنتين في أحيان كثيرة بلد حزين بصورة مسؤولة». ويعتقد السفير أن إحباطا آخر في ماراكانا «سيكون أكثر قبولا من وجهة النظر المعرفية». ويوضح: «لو حدث الماراكانازو الثاني، فسيكون بعد خمسة ألقاب لنا. في 1950 لم يكن هناك ما يقدم المواساة، الفكرة التي كانت سائدة حينها هي أن الظروف لم تكن لتصبح أكثر مواءمة أبدا». ورغم أن لكل شيء حدا، وخسارة النهائي في ماراكانا أمام الأرجنتين تبدو أمرا محتمل الحدوث، يؤكد أزامبوجا بابتسامة ذات مغزى خطورة ذلك، قائلا: «سيكون ذلك كارثة بلا حدود. لقد عملت كل حياتي من أجل صداقة البلدين، لكن ذلك لا يتضمن كرة القدم. في كرة القدم لا توجد متعة بالنسبة لي أكبر من خسارة الأرجنتين. أتمنى للأرجنتين الخسارة، وبطريقة مذلة لو كان ممكنا».