تصاعدت صيحات الاحتجاج الأمريكية على إلزام شركة غوغل بدفع 130 مليون جنيه استرليني ضرائب متراكمة عليها في بريطانيا ورفع حجم الضريبة السنوية التي تسددها هناك 10 ملايين جنيه إضافية الأمر الذي تحول إلى مشكلة مرشحة للتفاقم مستقبلا. وربما تواجه شركة آبل مطالبات بدفع مليارات الدولارات ما يعني تصاعد حدة الجدل بين ضفتي الأطلسي وتهديد النظام الضريبي العالمي بالانهيار.وقد يبدو هذا أمراً مربكاً لكنه رهان محتم. ولمن يشككون في هذه الفرضية أقول تابعوا ما يلي. تسود حالة من التذمر الشديد خفية أوساط دافعي الضرائب وصناع القرار ومديري الشركات متعددة الجنسيات حول ضريبة الشركات. وتحاول الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إصلاح النظام الضريبي منذ أكثر من عامين وجاءت واحدة من نتائج تلك المحاولة الضريبة التي فرضت على غوغل في بريطانيا وكانت مرعبة. وأشارت آبل في تقريرها الأخير إلى أن أصولها خارج الولايات المتحدة التي تطالها التشريعات الضريبية تبلغ 200 مليار دولار. وطار رئيسها التنفيذي على جناح السرعة إلى بروكسل لمحاولة وقف قرار توشك المفوضية الأوروبية على إصداره يفرض على الشركة دفع مبالغ ضريبية جديدة بأثر رجعي لإيرلندا التي تنشط فيها آبل منذ عام 1980.ويبدي الساسة الأمريكيون امتعاضا مما يسميه بعضهم تهديداً لمصالح الولايات المتحدة . ويشهد العالم اليوم لحظة حاسمة فيما يتعلق باتفاقية النظام الضريبي الذي أقرته قمة الأمم عام 1928 والذي يقضي بتحصيل الضرائب على أرباح الشركات في الدولة التي يتم تحقيق فيه تلك الأرباح وليس في البلد الذي تبيع فيه الشركة سلعها أو تقدم خدماتها.وفي حال انهيار هذا النظام الذي قد لا يكون بعيداً، فالبديل هو المجهول الذي قد لا يكون سهلاً وربما يتحول إلى حرب ضريبية. وتميع الشركات المتعددة الجنسيات خاصة الأمريكية التي تعاني من خلل النظام الضريبي، القوانين الضريبية إلى درجة تثير مخاوف دافعي الضرائب خاصة في دول تذعن لضغوطها مثل لوكسمبورغ وإيرلندا. وقد يتقبل دافع الضرائب الأوروبي العادي فكرة أن تسدد شركة مثل آبل أو ألفا بيت التي تصمم وتصنع وتدير منتجاتها في كالفورنيا، للحكومة الأمريكية وليس للحكومة البريطانية أو الإيطالية.ولعل هذا هو الهدف المعلن من وراء الاتفاقيات الضريبية في العالم. فلماذا إذاً ينبغي عليه أن يقبل نقل حقوق الملكية الفكرية إلى أي بقعة في العالم تفرض فيها الأنظمة الضريبية الحد الأدنى من الرسوم؟ فمحرك بحث غوغل لم يتم اختراعه في برمودا كما أن هاتف أي فون لم تطوره الشركة في ملاذ ضريبي بين إيرلندا والولايات المتحدة. وسوف يستمر العمل بهذا النظام حفاظا على ما يعد من الناحية النظرية التزامات ضريبية أمريكية، إلى أن يقر الكونغرس خفض ضريبة الشركات دون 40% لإغراء الشركات بالعودة إلى بلادها. وتبقى فرصة شركة آبل في المصالحة على مبالغ بقيمة 200 مليار دولار محدودة جداً.وبعض تلك المبالغ لن تعود أبداً إلى الولايات المتحدة وسوف يتم استثمارها في مشاريع توسعة. ولا تزال محفزات التعاون الدولي في هذا المجال محدودة.وتحرص كل سلطة ضريبية في بلد من البلدان المتقدمة على تفسير نصوص الاتفاقيات الدولية ورسم سياستها الضريبية بما يخدم مصالحها.ومن الواضح أن ذلك سينتهي إلى مزيد من الحمائية التي هي البديل المؤكد للتعاون الدولي الذي يتآكل يوماً بعد يوم.